غزة (رويترز) - تراجع الطلب على البضائع المهربة التي يبيعها أبو محمد خلال الاسابيع التي أعقبت اعلان اسرائيل تخفيف الحصار عن قطاع غزة من خلال السماح بدخول المزيد من البضائع.
لكن هذا الامر لا يقلقه كثيرا فيما يبدو. يقول أبو محمد البالغ من العمر 26 عاما فقط انه حقق مدخرات تكفيه طوال حياته بفضل ثلاث سنوات قام خلالها بالتجارة في البضائع المهربة عبر نفق يمد غزة ببضائع من مصر خلال سنوات الحصار ويمثل شريانا للقطاع الذي ليس أمامه منافذ أخرى.
وقال الفلسطيني مشيرا الى حساباته البنكية "والله حتى أبي لا يعرف حجمها لاني فتحت أكثر من رقم حساب وأكثر من ادخار... لا يوجد حساب باسمي لانه في يوم من الايام ربما يتم اعتقالي." وأضاف أن حساباته المصرفية مفتوحة اما باسم زوجته أو ابنه أو أبيه.
رفض أبو محمد أن تجرى المقابلة وجها لوجه ولم يذكر اسمه الحقيقي في مكالمة هاتفية ومضى يقول "أنا مهرب.. أنا بالقانون الدولي مهرب."
وذكر أن العائد من النفق في يوم تسير فيه الاحوال على ما يرام من الممكن أن يصل الى 100 ألف دولار.
وهو الان يملك سيارة مرسيدس ثمنها 80 ألف دولار وبنى منزلا يعيش فيه مع زوجته وابنه وابنته اللذين قال انه سيكفل لهما التعليم الجامعي الذي حرم منه لان والده لم يكن قادرا على دفع الرسوم المطلوبة.
والمهربون الذين شقوا مئات الانفاق بين غزة ومصر ضمن فئات قليلة من الفلسطينيين الذين استفادوا من الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة منذ أن سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على القطاع.
وكان صعود تجار السوق السوداء انعكاسا لتراجع النخبة من التجار التقليديين في غزة اذ انهار نفوذهم تماما مثلما انهارت مصانعهم وشركاتهم خلال الحصار.
وتمثل الانفاق بين غزة ومصر منذ فترة طويلة مسار امداد للاسلحة ومثلت بديلا للمعابر البرية التي أغلقتها اسرائيل بشكل شبه كامل بعد سيطرة حماس على القطاع في عام 2007.
تم ادخال كل شيء يمكن تصوره الى غزة من السيارات الى المواد الغذائية عبر الانفاق التي تربط القطاع بمصر التي لم ترغب قوات أمنها في وقف هذا النشاط التجاري الرائج بالكامل أو ربما عجزت عن ذلك.
وعادة ما تستهدف الطائرات الحربية الاسرائيلية الانفاق ردا على الهجمات الصاروخية التي تنطلق من غزة. وأقامت مصر حاجزا تحت الارض لقطع هذا النوع من التجارة. وقال أبو محمد "نحن نربح أرباحا طائلة لكن في أي وقت أنا معرض للموت."
وتنظم حكومة حماس هذا النشاط الذي تعتبره رد فعل غير عادي لمجموعة غير عادية من الظروف التي أوجدها الحصار.
وقال أبو محمد "يوجد مثل عربي يقول مصائب قوم عند قوم فوائد.. هذا مثل عربي وهذه كانت فائدة بالنسبة لنا ومصيبة بالنسبة لناس اخرين."
وأضاف أن أغلب البضائع التي تمر عبر نفقه هي المنتجات الغذائية المعلبة ومنتجات الالبان من مصر. بل انه كان في بعض الاحيان يجلب بضائع مطلوبة لزبائن معينين خصيصا مثل الاثاث المصري الذي تقل أسعاره عن الاثاث المصنوع في غزة. وقال "كل نوع له حساب وكل وزن له حساب وكل جودة لها حساب."
وتابع أن الطلب بالفعل بدأ ينخفض قبل أن تعلن اسرائيل عن سياستها الجديدة يوم 20 يونيو حزيران وقال ان السبب في ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة في غزة وتابع قوله "لا توجد سيولة في البلد".
وبالنسبة للوقت الراهن يعتقد أبو محمد أن الطلب سيظل موجودا على البضائع المهربة من مصر وقال ان الحصار ما زال قائما وان البضائع التي تجتاز المعابر تدخل بكميات محدودة للغاية.