عندما يُولدُ في الشرقِ القَمرْ
فالسطوحُ البيضُ تغفو...
تحتَ أكداسِ الزَّهرْ
يتركُ الناسُ الحوانيتَ.. ويمضونَ زُمرْ
لملاقاةِ القمرْ..
يحملونَ الخبزَ، والحاكي، إلى رأسِ الجبالْ
ومعدَّاتِ الخدرْ..
ويبيعونَ، ويشرونَ.. خيالْ
وصُورْ..
ويموتونَ إذا عاشَ القمرْ
ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ
ببلادي..
ببلادِ الأنبياْ..
وبلادِ البسطاءْ..
ماضغي التبغِ، وتجَّارِ الخدرْ
ما الذي يفعلهُ فينا القمرْ؟
فنضيعُ الكبرياءْ
ونعيشُ لنستجدي السماءْ
ما الذي عندَ السماءْ
لكُسالى ضعفاءْ
يستحيلونَ إلى موتى..
إذا عاشَ القمرْ..
ويهزّونَ قبور الأولياءْ
علّها..
ترزقُهم رزّاً وأطفالاً..
قبورُ الأولياءْ..
ويمدّونَ السجاجيدَ الأنيقاتِ الطُررْ
يتسلّونَ بأفيونٍ..
نسمّيهِ قدرْ..
وقضاءْ..
في بلادي..
في بلادِ البسطاءْ..
أيُّ ضعفٍ وانحلالْ
يتولانا إذا الضوءُ تدفّقْ
فالسجاجيدُ، وآلاف السلالْ
وقداحُ الشاي.. والأطفال.. تحتلُّ التلالْ
في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويعيشونَ على الضوءِ الذي لا يبصرونْ
في بلادي..
حيثُ يحيا الناسُ من دونِ عيونْ
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويصلّونَ، ويزنونَ، ويحيونَ اتّكالْ
منذُ أن كانوا.. يعيشونَ اتّكالْ
وينادونَ الهلالْ:
" يا هلالْ..
أيها النبعُ الذي يمطرُ ماسْ
وحشيشاً.. ونُعاسْ
أيها الربُّ الرخاميُّ المعلّقْ
أيها الشيءُ الذي ليسَ يُصدَّقْ
دُمتَ للشرقِ.. لنا
عنقودَ ماسْ
للملايينِ التي قد عُطِّلت فيها الحواس "
في ليالي الشرقِ لمّا
يبلغُ البدرُ تمامهْ..
يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
ونضالِ..
فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ..
والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ..
وفي يومِ القيامهْ..
الملايينُ التي لا تلتقي بالخبزِ.. إلا في الخيالِ
والتي تسكنُ في الليلِ بيوتاً من سعالِ..
أبداً.. ما عرفتْ شكلَ الدواءْ..
تتردّى..
جُثثاً تحتَ الضياءْ..
في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويموتونَ بكاءْ
كلّما طالعهم وجهُ الهلالِ
ويزيدونَ بكاءْ
كلّما حرّكهم عودٌ ذليلٌ.. و"ليالي"..
ذلكَ الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..
"ليالي".. وغناءْ
في بلادي..
في بلادِ البُسطاءْ..
حيثُ نجترُّ التواشيحَ الطويلهْ..
ذلكَ السلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..
التواشيحُ الطويلهْ
شرقُنا المجترُّ.. تاريخاً.. وأحلاماً كسولهْ
وخُرافاتٍ خوالي..
شرقُنا، الباحثُ عن كلِّ بطولهْ
في (أبي زيدِ الهلالي)..