تعريف الروح الرياضية
الروح الرياضية هي مصطلح حديث استمد تعريفه من التنافس في النشاطات الرياضية، وتدريجياً انتقل ليصف الأنشطة التنافسية الأخرى كالتنافس في العمل على سبيل المثال.
يمكن تعريف الروح الرياضية بأنها الروح والاعتقاد بأن نشاط معين (الرياضة مثلا) يتم ممارسته مع وضع العدل والإحترام والالتزام بالقيم في الاعتبار كأهداف أولى في التنافس. إنه الوعي والإدراك بتأثير سلوكك وأفعالك على الآخرين وعلى طريقة استمتاعهم باللعبة، فالرياضة والتنافس فيها هي مصدر للمتعة قبل أي شيء .
وفي تعريف آخر شائع ومعبر للغاية، يمكن تعريف الروح الرياضية بأن تكون "فائز جيد" تماماً كما تكون "خاسر جيد" , بمعنى أن التزامك بالأخلاقيات والاحترام وقيم التنافس يجب أن لا يختلف سواء كنت منتصراً أو مهزوماً.
مباديء الروح الرياضية
مفهوم الروح الرياضية يتضمن الكثير من القيم والمباديء المتداخلة على رأسها، العدل، الاحترام، الالتزام باللعب النضيف، والسلوك الراقي في حالة الفوز أو الهزيمة.
العدل، يعني الالتزام بمباديء المساواة في ظروف اللعب، وعدم التنافس مع خصم لا يتمتع بظروف تنافسية عادلة، كمثال لذلك، إجبار الخصم على اللعب في ملعب لا يفي بالحد الأدنى المطلوب، بينما أنت معتاد على ذلك الملعب. كمثال أيضاً، تعريض المنافس لظروف تمنعه من استخدام كامل طاقته في اللعب والتنافس، بما لا يحقق العدل والمساواة بين الطرفين .
الاحترام، ويتضمن احترامك لنفسك، احترامك لخصمك، احترامك للحكم، احترامك للجماهير، ويصل حتى احترام الملعب والبيئة المحيطة.
الالتزام باللعب النظيف، ويتضمن كل القيم السابقة بالإضافة إلى عدم إيذاء الخصم، التنافس المشروع، مساعدة الخصم في حالة الإصابة، عدم استغلال إصابة الخصم، وعدم استخدام وسائل غير مشروعة لتحقيق الفوز، وخصوصاً لو استخدمت في ظروف تضليلية كخداع الحكم مثلاً.
السلوك الراقي في حالة الفوز والهزيمة، ويعني التزامك بالسلوك الحضاري في القول والفعل مهما كانت نتيجة المباراة.
غير الملتزمين بالروح الرياضية
في علم النفس والاجتماع يتم تقسيم الغير ملتزمين بالروح الرياضية إلى قسمين: "الخاسر السيء Sore Loser" و "الفائز السيء Bad Winner".
الخاسر السيء، يرد على الهزيمة بأفعال عنيفة قد تصل إلى إيذاء الخصم، لا يتحمل مسئولية خسارته، يعتدي على رموز الخصم وتشمل العلم أو النشيد الوطني، ولا يهنيء الفائز بانتصاره.
بينما الفائز السيء، يستغل الانتصار لتحقيق مكاسب إضافية خارجة عن نطاق التنافس، يؤذي المتنافس ويهين رموزه، يحتفل بشكل مبالغ فيه، يشمت في هزيمة الآخر، لا يعترف بتفوق منافسه في مجال ما، حتى وإن كان المنافس قد خسر. عدم إهانة المنافس.
استراتيجية الروح الرياضية
"قف، فكر، نفذ، أعد التنفيذ" هي أحد استراتيجيات الالتزام بالروح الرياضية وتعني أنك قبل أن تقرر فعل شيء ما، قف، ثم فكر في ما سوف تفعله، ثم أعد تنفيذ ما تريد بعد أن تفكر. وتسمى في اللغة الأنجليزية STAR Sportsmanship Model "Stop, Think, Act, Replay" وهو مفهوم يتم تعليمه للأطفال في المدارس وتعويدهم عليه في دول العالم المتقدم.
كيف تلتزم بالروح الرياضية
تعامل باحترام ومحبة قبل وأثناء وبعد الأحداث الرياضية.
ادرس لعبتك بشكل جيد واعرف قواعدها، حتى يتسنى لك الالتزام بها.
حافظ على هدوءك، حتى وإن استفزك الخصم، سواء أثناء التنافس أو بعده.
كن موضوعيا في حكمك على الأشياء، حتى وإن لم تكن في صالحك.
تجنب حل النزاعات واختلاف الرأي بالقوة والعنف.
تقبل قرارات الحكام، حتى وإن لم تكن في صالحك، طالما لم تكن الأخطاء متعمدة.
تجنب إهانة الآخرين والاعتداء على رموزهم.
قم بتهنئة الفائز بانتصاره بكل روح رياضية.
تلك هي أساسيات الروح الرياضية بمفهومها الواسع، ولكنها تختلف عن المفهوم الشائع في المنطقة العربية وتحديداً في مصر. فهنا تتلخص الروح الرياضية في أن يقوم الخاسر بتهنئة الفائز، وأن لا يعتدي عليه عند الخسارة.
ولا يدرك المنتصر أن أحد أهم مباديء الروح الرياضية تتلخص في كيفية احتفال المنتصر بفوزه. فالمنتصر في بلادنا، سواء في مجال الرياضة أو السياسة أو أي مجال آخر، يعطي لنفسه الحق في الاحتفال بالطريقة التي يشاءها، يعطي لنفسه الحق في الشماتة، يعطي لنفسه الحق في إهانة الآخرين، التحقير من شأنهم، السعي لإلغاء وجود الآخر مادياً ومعنوياً، بل ويصل الأمر إلى إعطاء نفسه الحق في الاعتداء على المهزوم. فلسان حاله يقول: "أنا منتصر وأنت مهزوم، وعندما تنتصر عليَ، فلك الحق أن تفعل ما تريد" .
إن عدم الالتزام بالروح الرياضية في بلادنا يتخطى مجال الرياضة، ونجده حاضراً في المجال السياسي وبقوة. فالمنتصر سياسياً - في الانتخابات مثلاً، يعطي لنفسه الحق في فرض مبادئه على الآخرين، يقوم بالتضييق على الآخرين، يمنعهم من التعبير عن أفكارهم، ويسعى إلى عزلهم والقضاء عليهم أو ضمهم لصفوفه ولو بالقوة.
كما أن نفس الشيء يحدث في المجال الديني، فالمنتصر دينياً (إما بعدد الأتباع، أو بالإعلام، أو بأي شيء آخر) يعطي لنفسه الحق في تهميش الآخر، هضم حقوقه، وحتى الاعتداء عليه. يحدث ذلك بين الديانات المختلفة، وبين الطوائف المختلفة في الدين الواحد.
صحيح أن هكذا أشياء قد تحدث في المجتمعات الأكثر تقدماً، ولكنها أكثر انتشاراً في مجتمعاتنا، حتى وإن لم نشعر بوجودها. إنها أحد المفاهيم الخاطئة المنتشرة بكثرة في مجتمعنا المحيط ومن الصعب تصحيحها، لأن صعوبتها تكمن في عدم اقتناع المخطيء بخطأه من الأساس، وهي الخطوة الأولى في سبيل الإصلاح.
كابتن بسام