في مكان ما في هذا العالم الكبير المليء بالعجائب ، وتحت ظلام الليل الدامس التي تنيره نجوم الليل البيضاء الجميلة ، تهامس اثنان بكلام لم اسمع مثله من قبل … كلام جميل … جميل للغاية …
كلام يجلب الراحة والسعادة للنفس … كلام يبعد الكآبة والهم من نفس الإنسان … كلام يجعلنا نصرخ بأعلى صوت " الحياة جميلة ، فلنعشها بسعادة " … كلام يوحي بأن هذين الشخصين قد انعزلوا عن العالم في تلك البقعة الصغيرة منه ولم يعد يهمهم أي شئ من هذا العالم غير أن ينظر كل واحد منهم إلى عيني الآخر ويتبادلون أحلى وأنقى العبارات التي سجلها الكون عبر التاريخ الطويل …عبارات الحب .
ولكن مهلا ما هو هذا الحب أهو مرض وإدمان أم علاج لمشاكل الإنسان … أهو شئ جميل أم قبيح … هل يجب أن نمشي في طريق الحب ونعطي النفس هواها بحيث ينسى الإنسان نفسه وأهله ولا يفكر إلا في حبيبه أم يجب أن نتوقف عند نقطة معينه ونتراجع بسرعة ونفر من الموقف كله وكأن شئ لم يكن … وهل يجب منا أن نجعل حياتنا حبا أم أن نجعل حبنا حياةً نحياها … وهل الحب مجرد ضيف عابر كسحابة صيف أم أنه ظل يلازمنا أينما ذهبنا وفي كل الأوقات …
الحب مزيج من مرض مزمن يلازم الإنسان طالما ظل يحب وعلاج دائم لكل الأمراض التي تنتج عن الاكتئاب والغم …
الحب جميل وقبيح … جميل عند حدوثه و استمراره وقبيح عند لحظة زواله وابتعاده …
الحب هو عبارة عن مجموعه من الجزر في بحرعجيب ... والخوض في هذا البحر العجيب والغوص فيه والاستمرار في الغوص فيه هو أساس الحب... حتى إذا وصل إلى الجزيرة المنشودة ووجدها تطابق هواه ومغزاه ونفسه قبض عليها بكلتي يديه كما يقبض الغريق على طوق النجاة بكل قوته … وأما إذا كانت مقفرة ومجدبة لا تنبت زرعا ولا تخرج ماء أعطاها ظهره وصرف عنها تفكيره ... وعاد من حيث أتى بحثا عن جزيرة أخرى في هذا البحر العجيب.
وأما حياتنا فهي حب بمعنى الكلمة لأن الذي لم يحب لم يذق طعم الحياة والذي لم يذق طعم الحياة فهو ميت لكن جسده حي لأن مشاعره ميته وقلبه قاسي مع أن الدم والروح تجري في عروقه … وحبنا هو حياة ففي الحب تتجدد الآمال في حياتنا و تبتسم الدنيا لنا فنعيش في حب … نصحو ونحن نحب وننام ونحن نحب .
الحب هو ضيف عابر وظل لازم لا يفارقنا … هو ضيف عابر عندما يأتي فالضيف العابر يأتي بدون موعد مثل الحب تماما يأتي فجأة بدون أي موعد مسبق فعندما يأتي نرحب به حتى يصبح ضيفا عزيزا علينا ويحتل قلبنا احتلالا كاملا ويصبح من أهلنا وعشيرتنا فيلزمنا كالظل تماما في كل الأوقات والأزمنة .
ليس كل الحب حبا لكن الحب هو فقط ذلك الحب الذي نطلق عليه اسم الحب الحقيقي ، فالحب الحقيقي يتمكن من القلب تمكن الخيال من فرسه والفارس من سيفه والكاتب من قلمه والنار من الحطب والسيد من خادمه والمحب من حبيبه .
وكلمة الحب الحقيقي ليست مجرد كلمة تحمل في طياتها أشياء معنوية فقط ولكنها تكون أيضا أشياء مادية فالحب الذي لا ينتهي بالزواج هو حب غير حقيقي … حب وهمي ونستطيع القول عنه أنه حب فاشل بمعنى كل حرف تحمله هذه الكلمة .
إن الذي يحب حبيبه لا يكرهه أبدا والذي يكره حبيبه فإنه لم يكن يحبه أبدا … كاذب من قال " كنت أحبه ثم كرهته " … لا يوجد أبدا إنسان أحب بمعنى الحب ثم كره نفس الحبيب الذي أحبه فلو كرهه فإنه لم يكن يحبه من قلبه و إنما كان يحبه فقط بدون أن يبلغ درجة الحب الحقيقي .