يوم القيامة..مولد النبي كان إحدى علامات القيامة الصغرى..فإلى أي مدى اقتربت؟
ما نفعله في هذه الدنيا هو سندنا الوحيد في هذا اليومما نفعله في هذه الدنيا هو سندنا الوحيد في هذا اليوم..حتي إن كانت لفظة «يوم» لا تناسب تماماً هول ما يحدث.. إننا في يوم القيامة..يوم الحشر العظيم..يوم أقل ما يقال عنه إنه لا ينفع فيه مال ولا ولد مهما كانوا كثراً.. فقط الأعمال الصالحات هي الباقية..كلنا نقف أمام المولي سبحانه وتعالي عراة تماماً لكن هل نعي أصلاً لكوننا عراة وجميعنا نقف بجوار بعضنا البعض دون أن ينظر رجل لامرأة أو شاب لفتاة..الكل غير مطمئن لأن اليوم الموعود قد جاء..وهنا لا فرق بين أحد علي أحد..لا فرق بيننا في شيء..كل مسجل ومدون..ولا مجال للفرار..لا ملجأ منه إلا إليه..إنه الواحد القهار..اليوم سيأخذ كل منا كتابه..كل علي الطريقة التي تناسب أعماله الصالحات.. منا سيأخذه بيمينه ومن يأخذه بيساره ومنا من يأخذه من وراء ظهره..فقط الأعمال الصالحات هي التي تتحكم في الأمر..لأن الأعمال الأخري..تتحكم في الأمر أيضاً ولكنها تؤدي إلي أسوأ أمر..الخروج من هذا اليوم إلي طريقين لا ثالث لهما..إما جنة أو نار..مريب التفكير في يوم القيامة ويحدث خلل أحيانا..لأن الأمر كما يقولون «جلل»..قد يبدو اليوم قريب جداً..فعلاماته الصغري قاربت علي الانتهاء..وهكذا الأمور تتوالي إلي أن يأتي يوم الميعاد..فيارب هونه علينا جميعاً ولا تفضحنا فيه..يارب.!
وهنا..العدل هو سيد الموقف..وما ربك بظلام للعبيد..نحن أمام العادل..الذي خلقنا جميعاً..وهو الوحيد الذي يمكنه أن ينهي هذا اليوم علي خير..ويدخلنا فسيح جناته!
علامته الصغرى:
تصوروا أن ولادة النبي صلي الله عليه وسلم كانت إحدي علامات يوم الساعة..بل وموته..أي أنه مع بداية وجود «محمد» علي سطح البسيطة فإن القيامة تقترب..وهناك لليوم علامات أولها العلامات الصغري التي تجمع بين صفاتها أنها جميعاً تحدث قبل اليوم الموعود بمدة طويلة وهي أحداث قد تتكرر أكثر من مرة وبعضها قد حدث وانقضي وقته ومنها البعض الآخر الذي ما زال يظهر ويتتابع..لكن كل شئ سيحدث ولن تقوم القيامة -التي لا نعرف موعداً لها- إلا بعد حدوث هذه العلامات..وقد جاءت الأحاديث النبوية بالكثير عن علامات الساعة الصغري وأقوي العلامات الصغري التي يلاحظها الجميع هي انتشار الفتن وهي الظاهرة الموجودة مع العصر الأول للإسلام كحادثة مقتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ وموقعة الجمل وصفين وظهور الخوارج..كل هذه فتن ظهرت منذ زمن بعيد وكانت إحدي العلامات الصغري ليوم القيامة وكذلك ظهور مدَّعي النبوة ، ومنهم «مسيلمة الكذاب» و «الأسود العنسي»، ولعل آخرهم «محمد عبد التواب» المواطن الفيومي الذي قال عن نفسه إنه النبي ثم المهدي المنتظر وآخر أقواله كان أنه عم المسيح الدجال..انتشار الربا وألزنا وكثرة شرب الخمر وانحسار العمل وتفشي الجهل بين الناس أيضا وضياع الأمانة بين الناس وكثرة العقوق بين الأبناء لآبائهم وحوادث القتل الكثيرة وطبعا ولا دليل علي ذلك أكثر من صفحات الحوادث في الجرائد، أضف إلي هذه العلامات علامات أخري مثل كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق، ومن هذه العلامات يتبين لنا أن الساعة اقتربت فإذا كان مولد النبي «ص» منذ أكثر من ألف ونصف عام كان إحدي علاماتها ففكروا إلي أي مدي اقتربت؟..
يوم القيامة فى القرآن:
«كَلاَّ إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ**وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ»..رب العزة صريح جداً في حديثه عن يوم القيامة وربما كانت هذه الآية تحديداً-بالنسبة لي- تجعل الأمور أكثر رهبة وخفقاناً في القلب يصعب وصفه..أشار القرآن الكريم ليوم القيامة بأكثر من اسم في آياته الحكيمة كلها أسماء دالة ليست مرعبة أو مخيفة لكنها محمولة بجزء من التهديد والاطمئنان في نفس الوقت فهي يوم القيامة - وهو الاسم الأكثر شهرة - «لا أقسم بيوم القيامة»..واليوم الآخر «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر»..والآخرة «ولقد اصطفيناه في الدنيا و إنه في الآخرة لمن الصالحين»..والدار الآخرة «تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا»..والساعة «إن الساعة ءاتية أكاد أخفيها»..ويوم البعث«وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلي يوم البعث»..ويوم الخروج «يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج»..والقارعة «كذبت ثمود وعاد بالقارعة..»ويوم الفصل «هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون»..ويوم الدين «مالك يوم الدين»..والصاخة «فإذا جاءت الصاخة»..والطامة الكبري «فإذا جاءت الطامة الكبري»..ويوم الحسرة «وأنذرهم يوم الحسرة»..والغاشية «هل أتاك حديث الغاشية» و يوم الخلود «ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود» والواقعة «إذا وقعت الواقعة»..ويوم الحساب «وقال موسي إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب»..ويوم الوعيد «ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد»..ويوم الآزفة «وأنذرهم يوم الآزفة»..ويوم الجمعة «وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه»..والحاقة «الحاقة ما الحاقة»..ويوم التناد «ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد..»ويوم التلاق «لينذر يوم التلاق»..ويوم التغابن «يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن» ...واليوم المشهود '«ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود»..واليوم العظيم «قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم»..ويوم الفتح «قل يوم الفتح لا ينفع الذيم كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون»..
علاماته الكبرى:
الحكاية هكذا..
تمتلئ الأرض بالظلم بين الناس فيبعث الله سبحانه وتعالي برجل يقيم العدل فيها وهو من آل بيت النبي «ص» ويقول عنه أطهر الخلق (اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي، يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلما وجوراً( يلتف الناس حول هذا الرجل وهو المسمي بالمهدي المنتظر ويأتونه من كل بلد ليكون هو القائد الوحيد لهم..أو بمعني آخر تجتمع الأمة كلها حوله من أجل معركة كبري بين المسلمين وكل من لا يدين بالإسلام، ويفتح المهدي العديد من البلاد حتي يقول له الشيطان إن المسيح الدجال قد ظهر ..ولا فتنة علي ظهر الأرض أكثر من فتنة المسيح الدجال الذي يبدأ في التوقيع بين الناس والمسيح رجل أعور وقصير وشعره مجعد ومخيف، ويتواجد الدجال في الأرض أربعين يوماً كاملة يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كأسبوع ويعيش باقي الأيام كأيامنا ..والفكرة في فتنة الدجال أن الله سبحانه وتعالي يعطيه بعض القدرات فيدعي أنه إله يأمر السماء أن تمطر والأرض أن تنبت..حتي يتبين من يتمسك بدينه ومن يؤمن بالدجال يفتنه حيث سيكون لديه جنة ونار فمن يدخل جنته يدخل النار في الآخرة والعكس ..ويمشي الدجال في الأرض كلها لأن حركته ستكون سريعة جداً ويزور كل المدن ماعدا مكة والمدينة وبيت المقدس وسيتبعه أول ظهوره 70 ألفاً من اليهود وضعاف الدين، ومن بين الأفعال التي يفتن بها الناس أن يتحدث إلي من لا يؤمن به ويقول له أين أباك وأمك؟ وهم قد ماتوا فيقول لهذا الشخص سأحييهم لك أفتصدق؟ فيأمر القبر أن ينشق ويخرج منه الشيطان علي هيئة أمه فيعانقها وتقول له الأم:«يابني آمن به فإنه ربك» فيؤمن به.. ولذك كان أمر الرسول «ص» واضحاً لنا أن نهرب من المسيح الدجال وأن نقرأ عليه عليه فواتح وخواتيم سورة الكهف، هي العاصمة من فتنته، ويلتقي جيش المهدي المنتظر جيش المسيح الدجال من اليهود في فلسطين؛ وهنا تحدث المعركة الكبري بين المسلمين بقيادة المهدي واليهود بقيادة الدجال..
وهنا نأتي إلي نقطة أخري في العلامات الكبري وهي نزول المسيح عليه السلام من السماء علي جناحي ملك وهو المقصود من «وجاءكم الغوث» ويحارب مع المسلمين في الحرب الكبري؛ وهي الحرب التي تنطق فيها الأشجار وتقول: «يا مسلم يا عبد الله..هذا يهودي ورائي فاقتله..فيقتله المسلم»، أما المسيح الدجال فيقتله سيدنا عيسي بن مريم عليه السلام ..ويأمر سبحانه وتعالي «عيسي» بأن يأوي إلي جبل الطور ..
حيث تظهر علامة أخري وهي قوم يأجوج ومأجوج وهم قوم كما هو معروف لن يتركوا أخضر ولا يابس وسيأتون علي كل شيء.. كل شيء ..
ستحدث كل هذه الأحداث في 7 سنوات.. لكن كيف ومن يقضي علي قوم يأجوج ومأجوج؟ وهنا الأمر العجيب؛ فالقوم الذين أتوا علي كل شيء دون وعي سيقتلهم سبحانه وتعالي بدودة..أي نعم..دودوة.
يعم الخير الأرض كلها ويموت عيسي عليه السلام..لننتقل إلي نقطة أخري من علامات يوم القيامة الكبري وهي أن تخرج دابة من مكة تتكلم مثل البشر، وهي دابة تعظ وتختم علي وجنة الكافر بأنه كافر وعلي وجنة المؤمن بأنه مؤمن.
وتطلع الشمس بعد ذلك من مغربها ويغلق باب التوبة نهائياً..أي أن الاستغفار لا فائدة منه..قضي الأمر ويري الناس دخاناً في السماء يحجب أشعة الشمس، ويحدث ثلاثة خسوفات، وتخرج ريحا طيبة من اليمن وتقبض روح كل مؤمن.
وإلي هنا نصل إلي النقطة الحاسمة..حيث تخرج نارا من جهة اليمن وهي التي تحشر الناس حتي يجتمعون علي أرض واحدة هي أرض المحشر..وينفخ في الصور النفخة الأولي وهو الإعلان لقيام الساعة فيموت كل الخلق من بشر وحيوانات وطيور وحشرات وجن وكل مخلوق في الأرض والسماء إلا من شاء الله، وهناك نفخة ثانية تبدأ بعدها أهوال يوم القيامة..
من يوم القيامة:
الآن نحن أمام الله سبحانه وتعالي ..كلنا وقوف وعيوننا معلقة إلي السماء في انتظار ما يحدث..في انتظار ربنا جميعا..«ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا»..«ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم»...الشمس قريبة من الرأس لكن حرها حسب عمل كل بني آدم منهم من يصل عَرَقـُه إلي كعبيه ، ومنهم إلي ركبتيه ، ومنهم من يصل العرق إلي صرته ، ومنهم إلي أثدائهم ، ويصل العرق ببعضهم إلي فمه ، يكاد يُغرقـُه..
يوم لا ظل إلا ظله :
ويومها يفر الجميع من أهلهم حتي يود المذنب لو يفدي نفسه من عذاب يوم القيامة بأولاده وبزوجته وبأخيه وبعشيرته وبجميع من في الأرض، إلا النبي صلي الله عليه وسلم فيقول: أمتي أمتي..يذهب البشر لجميع الأنبياء لكنهم جميعا لا يستطيعون أن يشفعوا لنا عن الله سوي نبينا «محمد».
وينصب الصراط المستقيم فوق النار- المشهد مهول فعلاً- تقف الأمانة عن يمينه والرحم عن يساره ومنا من يمر كالبرق من علي الصراط ومنا بعض كالطير ومنا من يصل إلي الجنة زاحفاً علي الصراط حتي يتخلص من كل الذنوب وينجيه الله من النار.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «إن الله يستخلص رجلاً من أمتي علي رءوس الخلائق - وعند ابن ماجه: يصاح برجل من أمتي - يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً، أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يارب، فيقول: أفلك عذر؟ فقال: لا يا رب, فيقول: بل إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم. قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء»، وتوزن أعمال الكافر فيوضع كفره وسيئاته في كفة وتوضع في الكفة الأخري ما له من صلة الرحم ومواسات الناس وعتق المملوك ونحو ذلك. ويقال الناس في الآخرة ثلاث طبقات: متقون لا كبائر لهم، ومخلطون وهم الذين ارتكبوا الفواحش والكبائر، وكفار. فالمتقون تثقل موازينهم, والمخلطون فإما أن تثقل موازينهم فيدخلون الجنة وإما أن تخف فيدخلون النار ثم يخرجون بالشفاعة وأما إذا تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيكونون من أهل الأعراف. وأما الكفار فكفة الحسنات فارغة وكفة السيئات مليئة فيأمر الله تعالي بهم إلي النار، وتوزن أعمال المؤمن التقي لإظهار فضله والكافر لخزيه وذله والمخلط السيئ بالصالح فإن دخل النار فيخرج بالشفاعة.