الشبّان اليوم، وحتى الفتيات، بين مَنْ يسرف في ماله لاسيما على الأشياء الترفية، وبين مَنْ يميل إلى البخل حتى على نفسه.
والإسراف المالي يشبه عملية حرق المال وإتلافه، في حين أنّ مجالات الإستفادة من المال في حياتنا كثيرة، وهناك أولويات للإنفاق، تأتي الدراسة وتأسيس بيت الزوجية، وإنشاء مشروع عمل لو صغير في المقدّمة منها، ولذا قيل: "القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود".
والتبذير الذي نشهده في الملابس والقمصان والأحذية التي تتكدّس في الخزانة ولم ترتدها الفتاة أو الشاب سوى مرّة أو مرّتين، ثمّ إهمالها على اعتبار أنّها أصبحت قديمة، هو هدر للمال، وهو محرّم.
والإنفاق بشكل باذخ مسرف وخارق للعادة على اللهو والملذّات والمآدب والسفرات، هو إتلاف للمال إذا كان هناك ما هو أهمّ من هذه الأمور، وحتى مع عدم وجود الأهم فإنّ التبذير في ذلك مذموم، فالإنفاق ضمن الحدود المعقولة هو دائماً دليل الرجاحة في العقل، والحكمة في التصرّف والصرف.
والبخل، كما هو التبذير مضرّ أيضاً (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) (الإسراء/ 29)، فما فائدة تكديس المال وتخزينه إذا لم ينفق على حاجاتنا الأساسية والضرورية وحتى الترفيهية؟ أترانا في خدمة المال، أم أنّ المال هو الذي في خدمتنا؟!
وقد يفرح الشاب إذا رأى أنّ ما تجمّع لديه من مال أصبح كثيراً، ولكنّ لذّة النظر إلى المال ليست كلذّة التمتّع بما يحققه المال. والمال مهما تراكم فإنّه لا يحقق للإنسان الخلود (الَّذِي جَمَعَ مَالا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلا) (الهمزة/ 2-4).
وكم من بخيل مات وأنتقلت أمواله إلى غيره، وربّما بقيت تبعاتها في ذمّته.
لقد امتدح الله عباده (عباد الرّحمن) لأنّهم كانوا اعتداليين متوازنين في إنفاقهم ومصروفاتهم (وَالَّذِين إذا أنفقُوا لم يسرفُوا وَلم يقتروا وكان بين ذلك قواماً) (الفرقان/ 67)، والقوام هو حالة الإعتدال في الصرف والإدخار.