السلام عليكم ورحمة الله
كان خال القيصر والقائد العام للجبهة الروسية، "نيــكولا نيــكولافيج" يزور معسكر الأسرى فقام جميع الأسرى لأداء التحية ماعدا (سعيد النورسي). لاحظ القائد العام ذلك، فرجع ومرّ ثانية أمامه.. فلم يقم له كذلك، وفي المرة الثالثة وقف أمامه وجرت المحاورة الظريفة الآتية بينهما بواسطة مترجم القائد:
القائد: الظاهر أنك لم تعرفني؟
بديع الزمان النورسيّ: بلى.. لقد عرفتك. إنك نيــكولا نيــكولافيج، خال القيصر، والقائد العام في جبهة القفقاس.
القائد: إذن فلِمَ تستهين بي؟
بديع الزمان النورسيّ: كلا، إنني لم أستهن بأحد، وإنما فعلت ما تأمرني به عقيدتي.
القائد: وماذا تأمرك عقيدتك؟
بديع الزمان النورسيّ: إنني عالم مسلم، أحمل في قلبي إيماناً، والذي يحمل في قلبه إيماناً هو أفضل من الذي لا إيمان له. ولو أنني قمت لك لكنت إذن قليل الاحترام لعقيدتي ومقدساتي، لذلك فإنني لم أقم لك.
القائد: إذن فإنك بإطلاقك عليّ صفة عدم الإيمان، تكون قد أهنتني وأهنت جيشي وأمتي والقيصر كذلك، يجب تشكيل محكمة عسكرية للنظر في هذا الأمر.
تشكلت المحكمة العسكرية، وقُدِّمَ إليها سعيد النورسي بتهمة إهانة القيصر والأمة الروسية والجيش الروسي.
ويسود حزن في معسكر الأسرى ويلتف حوله الضباط الأسرى من الأتراك والألمان والنمساويين ملحّين عليه القيام بالاعتذار للقائد الروسي وطلب العفو منه، إلا أنه رفض ذلك بإصرار، قائلاً لهم:
"إنني أرغب في الرحيل إلى الآخرة، والمثول بين يدي الله و رسول الله صلى الله عليه وسلم. لذلك فإنني بحاجة فقط إلى جواز سفر للآخرة، وأنا لا أستطيع أن أعمل بما يخالف إيماني".
وتصدر المحكمة قرارها بالإعدام، وفي يوم التنفيذ تحضر ثلة من الجنود على رأسها ضابط روسي لأخذه إلى ساحة الإعدام، ويقوم سعيد النورسي من مكانه بابتهاج قائلاً للضابط الروسي:
- أرجو أن تسمح لي قليلاً لأؤدي واجبي الأخير.
ثم يقوم ويتوضأ ويصلي ركعتين.
وهنا يأتي القائد العام ليقول له بعد فراغه من الصلاة:
- أرجو منك المعذرة، كنت أظنك قد قمت بعملك قاصداً إهانتي ولكنني واثق الآن أنك كنت تنفذ ما تأمرك به عقيدتك وإيمانك، لذا فقد أبطلت قرار المحكمة، وإنني أهنئك على صلابتك في عقيدتك، وأرجو المعذرة منك مرة أخرى.