وكل ما ذكرنا من صفات الله تعالى تفصيلا أو إجمالا إثباتا أو نفيا فإننا في ذلك على كتاب ربنا وسنة نبينا معتمدون وعلى ما سار عليه سلف الأمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة في ذلك على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل.
ونتبرأ من طريق المحرفين لها الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله. ومن طريق المعطلين لها الذين عطلوها عن مدلولها الذي أراده الله ورسوله. ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل أو تكلفوا لمدلولها التكييف.
ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهو حق لا يناقض بعضه بعضا، لقوله تعالى (أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) [النساء 82] ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضا، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن ادعى أن في كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما تناقضا فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه، فليتب إلى الله تعالى ولينزع عن غيه. ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو بينهما فذلك إما لقلة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكف عن توهمه وليقل كما يقول الراسخون في العلم (آمنا به كل من عند ربنا) [آل عمران 7] وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما اختلاف.
ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم (عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) [الأنبياء 26-27] خلقهم اله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته (لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون . يسبحون الليل والنهر لا يفترون) [الأنبياء 19-20] حجبهم عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سد الأفق. وتمثل جبريل لمريم بشرا سويا فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي صلى الله وعنده الصحابة بصورة رجل لا يعرف ولا يرى عليه أثر السفر شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلم ووضع كفيه على فخذيه وخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أنه جبريل.
ونؤمن بأن للملائكة أعمالا كلفوا بها:
فمنهم جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله.
ومنهم ميكائيل الموكل بالمطر والنبات.
ومنهم إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور.
ومنهم ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت. ومنهم ملك الجبال، ومنهم مالك خازن النار، ومنهم ملائكة موكلون الأجنة في الأرحام، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان (عن اليمين وعن الشمال قعيد ز ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) [ق 17-18]، وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه و دينه و نبيه فـ (يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) [إبراهيم 27]، ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة (يدخلون عليهم من كل باب . سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) [الرعد 23-24].
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية ـ يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه أخر ما عليهم.