لماذا خلقنا الله؟!
خلقنا الله سبحانه وتعالى لنعبده ولا نشرك به شيئاً, قال تعالى : [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ] الذاريات: ٥٦
وفي الحديث المتفق عليه قوله صلى الله عليه وسلم :" حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ".
ولذلك أرسل المولى تبارك وتعالى الرسل لبيان هذه الحكمة والدعوة إليها, وبيان تفاصيلها, وبيان ما يضادها.
قال تعالى : [وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ] النحل: ٣٦
وجعل الله سبحانه هذه الحياة الدنيا ما هي إلا طريقاً للآخرة, ومعبراً لها, فمن عمرها بطاعة الله وعبادته سبحانه وتعالى وإتباع ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام, انتقل من دار العمل وهي الدنيا, إلى دار الجزاء وهي الآخرة, وصار إلى دار النعيم والسرور, دار الكرامة والسعادة, دار لا يفنى نعيمها, ولا يموت أهلها, ولا تبلى ثيابهم, ولا يهرم شبابها, أما من خالف ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام, واتبع الهوى والشيطان فانه ينتقل من هذه الدار وهي الدنيا إلى دار الجزاء وهي الآخرة, دار الهوان والخسران, دار العذاب والآلام والجحيم التي أهلها في عذاب وشقاء دائم, [وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ] فاطر: ٣٦
وكما قال تعالى: [إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ] طه: ٧٤
والمقصود أن هذه الدار هي دار العمل, وهي دار التقرب إلى الله عز وجل بما يرضيه, وهي دار الجهاد للنفوس, وهي دار المحاسبة, ودار التبصر والتفقه في الدين, والتعاون على البر والتقوى, والتواصي بالحق والصبر عليه, والعلم والعمل, والعبادة والمجاهدة.
إذا علمت هذا ..... فاعلم
أنك مخلوق في هذه الدار, لا لتبقى فيها, ولا لتخلد فيها, ولكنك خُلقت فيها لتُنقل منها بعد العمل, وقد تُنقل منها قبل العمل, وأنت صغير لم تبلغ, ولم يجب عليك العمل لحكمة بالغة.
والمقصود أنها دار ممزوجة بالشر والخير, ممزوجة بالأخلاط من الصلحاء وغيرهم, ممزوجة بالأكدار والأفراح, والنافع والضار, وفيها الطيب والخبيث, والمرض والصحة, والغنى والفقر, والكافر والمؤمن, والعاصي والمطيع.
فالمقصود من خلقك وإيجادك, هو توحيد الله سبحانه وتعالى, وتعظيم أمره ونهيه, وأن تقصده وحده في حاجاتك, وتستعين به على أمر دينك ودنياك, وتتبع ما جاء به رسله, وتنقاد لذلك طائعاً مختاراً, محباً لما أمر به, كارهاً لما نهى عنه, ترجو رحمة ربك, وتخشى عقابه سبحانه وتعالى.
* ما هي العبادة التي أمرنا الله بها وخلقنا من أجلها؟
العبادة هي: اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.
فالأقوال الظاهرة هي كل قول معروف, وأعلى هذه الأقوال أن تنطق بقول لا إله إلا الله.
والأقوال الباطنة, كقول القلب وهو الإقرار الذي ضمن التصديق كالإقرار بالله, وملائكته, وكتبه, ورسله, واليوم الآخر, والقدر خيره وشره.
والأعمال الظاهرة, كالصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد.
والأعمال الباطنة, كحب الله سبحانه وتعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم وخشية الله تعالى والإنابة إليه, وإخلاص الدين لله والتوكل عليه, والرجاء لرحمته, والخوف من عذابه, والشكر عند النعمة, والصبر عند المصيبة والرضا بقضائه سبحانه وتعالى.
* كيف نعبد الله سبحانه وتعالى؟!
نعبده سبحانه وتعالى كما أمر وبما أوجب علينا أن نطيعه
قال تعالى: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ] محمد: ٣٣
وفي حديث مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " أي غير مقبول.
من الآية السابقة والحديث يتبين أن عبادة الله سبحانه وتعالى إنما تكون بما شرعه الله وبينه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم, فمن فعل ذلك فقد أدى ما أوجبه الله عليه ومن فرط في ذلك لم يكن قد أدى ما افترضه الله عليه وأجبه.
الآيات في طاعة الله وطاعة رسوله كثيرة نذكر منها:
قال تعالى: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ] النساء: ٥٩
وقال تعالى: [ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ] آل عمران: ١٣٢
وقال تعالى: [مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ] النساء: ٨٠
والأحاديث في ذلك كثيرة:
أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أطاعني فقد أطاع الله, ومن عصاني فقد عصى الله ".
وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من يأبى " قيل يا رسول الله ومن يأبى , قال " من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ".
وإلى لقاء قريب بإذن الله تعالى
والله أعلم وصلِّى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم