--------------------------------------------------------------------------------
المتوسط اون لاين- على الرغم من الرقابة الشديدة، يوجه علماء غربيون الاتهام، من حين لآخر، لشركات الخدمات التي تقوم بتنقية مياه الشرب بانها لا تقوم بعملها جيدا، أو انها لا تجري الاختبارات الكافية لمراقبة جودة المياه.
السؤال الذي يواجهنا في العالم العربي قد لا يتصل بمدى جودة المياه، بل بتوفرها أصلا.
ولكن هل يصح للنقص في المياه، وهو مصيبة قائمة بذاتها، أن يكون مبررا للفشل في مراقبة جودتها أيضا؟ هل من الضروري للمصيبة ان تكون مزدوجة؟
الشيء المؤكد هو ان خدمات تنقية مياه الشرب في العالم العربي خاضعة في الغالب لمؤسسات حكومية. وبما أنها كذلك، فانها عادة ما تضع نفسها فوق النقد، وفوق المساءلة. أما الخبراء والعلماء، فنادرا ما ينفقون وقتا لمراقبة جودة المياه. فهم يعرفون ان انتقاداتهم قد تعني انتقادات للحكومة، وربما للباب العالي، وليس لمؤسسة خدمات عامة يجدر بها ان تكون خاضعة للمراقبة.
ويمكن للمواطنين انفسهم ان يجروا اختبارات بسيطة لمعرفة جودة المياه التي يتناولونها. إلا ان ذلك لا يحد من مسؤولية الجهات الرسمية، في متابعة قضية ربما تكون واحدة من أخطر ما نواجهه على الإطلاق. فالمياه هي مصدر الحياة الرئيسي. وإذا حدث وان هذا المصدر ملوث، فان ذلك قد يعني الكثير من الكوارث على الصحة العامة.
وبالنظر الى خطورة المسألة، فان منظمات اهلية ومؤسسات علمية لا تكف عن مراقبة جودة المياه، وذلك من اجل جعل الشركات المعنية بتوفير الخدمة تحت رقابة صارمة.
وكان الدكتور لوك مونتاغنير الحائز على جائزة نوبل لعام 2008 اصدر تقريرا مؤخرا بعنوان: "احذروا ماء الحنفيّة".
وابرزت الوثيقة احتواء ماء الحنفيّة على عديد المواد الكيميائيّة كالنيترات المتأتّي من الأسمدة المستعملة في القطاع الزراعي والمبيدات وحتى الأدوية. فهذه المواد مسؤولة وبدرجات متفاوتة في انتشار أمراض السرطان وتدهور التربة.
ويشير التقرير أنّ مقاييس مراقبة الماء لم تتغيّر منذ سنين وهذا رغم التقدّم الحاصل في تكنولوجيا التحليل.
وقال انه لوحظت حالة "تخنّث" الأسماك في البحيرات نتيجة لتلوّث الماء بمواد كيميائيّة تشبه الهرمونات الأنثويّة كما لوحظ تراجع الحيوانات المنويّة لدى الإنسان. أمّا بالنسبة للمرأة فإنّ تأثير المحيط على نسبة الإصابة بسرطان الثدي جليّة وقد أثبتتها عديد الدراسات العلميّة والوبائيّة وهذا ناتج بالأساس عن المبيدات وبعض أنواع الدّهن وكريمات (crèmes) الوقاية من أشعّة الشمس.
وتوجد هذه المواد بدرجات متفاوتة في طبقات المياه السطحيّة وكذلك في ماء الحنفيّة. كذلك هي الحال بالنسبة للأدوية والتي بدأت تشدّ انتباه المختصّين منذ سنين. فمحطّات معالجة مياه الشرب غير قادرة على تخليص الماء من كلّ المواد والجزيئات.
وتختلف نوعيّة وجودة مياه الحنفيات من منطقة لأخرى وهذا بارتباط بمستوى العمران والنشاط الزراعي. ففي المناطق الريفيّة بالخصوص ترتفع نسبة النيترات والمبيدات.
ولكن حتّى الماء المعدني لا يخلو من هذه المواد وهذا لا يخصّ كلّ أنواع المياه المعدنيّة. لهذا ينصح الخبراء بالتحقّق من مكوّنات الماء المعدني وخلوّه من المواد المضرّة كالنيترات والصوديوم والمواد الكيميائيّة الأخرى.
ولكن حيثما لا يوجد من يسأل او من يراقب، فالسؤال الآن هو: كيف هو حال المياه التي نشربها نحن؟