دخلت السيدة العذراء البتول والدة الإله الى الهيكل وهي إبنة ثلاث سنوات لأنها كانت نذرا ً لله وذلك أنه لما كانت أمها حنة بغير نسل وكانت لذلك مبعدة من النساء في الهيكل فكانت حزينة جدا ًهي والشيخ الكريم يواقيم زوجها فنذرت لله نذرا ً وصلت اليه بحرارة وانسحاق قلب قائلة : اذا أعطيتني ثمرة فإني أقدمها نذرا ً لهيكلك المقدس فإستجاب الرب لها ورزقها هذه القديسة الطاهرة فأسمتها مريم
ولما رزقت بها ربتها ثلاث سنوات ثم مضت بها الى الهيكل مع العذارى حيث أقامت أثنتى عشرة سنة كانت تقتات خلالها من يد الملائكة الى أن جاء الوقت الذي يأتي فيه الرب الى العالم ويتجسد من هذه التي أصطفاها .
حينئذ تشاور الكهنة أن يودعوها من يحفظها لأنها نذر للرب اذ لا يجوز لهم أن يبقوها في الهيكل بعد هذا السن فقرروا أن تخطب رسمياً لواحد يحل له أن يرعاها ويهتم بشئونها فجمعوا من سبط يهوذا اثنى عشر رجلا ً أتقياء ليودعوها عند أحدهم وأخذوا عصيهم وأدخلوها الى الهيكل فأتت حمامة ووقفت على عصا يوسف النجار فعموا أن هذا الأمر من الرب لأن يوسف كان صديقا ً بارا ً فتسلمها وظلت عنده الى أن أتى اليها الملاك جبرائيل وبشر بتجسد الأبن منها لخلاص أدم وذريته فحبلت العذراء مريم من الروح القدس وولدت السيد المسيح وربته .
لقد كانت سنوات حياة العذراء على الأرض ستين سنة منها اثنتا عشر في الهيكل وأربع وثلاثون سنة في بيت يوسف والى أن مات السيد المسيح وصعد الى السماء وأربع عشرة سنة عند يوحنا الإنجيلي كوصية الرب القائل لها هذا ابنك وليوحنا هذه أمك .
وهكذا لما دنا الوقت حضر اليها العذارى اللواتي بجبل الزيتون وكذلك الرسل الذين ما زالوا أحياء وأجتمعوا حولها وهي مضطجعة على سريرها وأذا بالسيد المسيح له المجد قد حضر إليها وحوله ألوف ألوف من الملائكة ،فعزاها وأعلمها بالسعادة الدائمة التي أعدت لها فسرت بذلك .وسألها الرسل والعذارى أن تبارك عليهم ،فمدت يدها وباركتهم جميعا .ثم أسلمت روحها الطاهرة بيد ابنها والهها ، فأصعدها إلى المساكن العلوية . أما الجسد فكفنه الرسل كما يليق وحملوه إلى الجسمانية ،وفيما هم في طريقهم ،اعترضهم بعض اليهود ليمنعوا دفنه ،وأمسك أحدهم بالتابوت ،فانفصلت يداه من جسمه ، وبقيتا معلقتين بالنعش، حتى ندم باكيا بدموع حارة على سوء فعله ،وبتوسلات الرسل القديسين ،عادت يداه إلى جسمه كما كانتا من قبل فآمن لوقته بالسيد المسيح . ولما وضعوا جسدها الطاهر في القبر أخفاه الرب عنهم.
ولم يكن توما الرسول قد حضر نياحتها وأراد الذهاب إلى أورشليم فحملته سحابة إلى هناك . وفيما هو في طريقه رأى جسدها الطاهر مع الملائكة صاعدين به . فقال له أحدهم ،أسرع وقبل جسد القديسة الطاهرة مريم فأسرع وقبله . وعند حضوره إلى التلاميذ أعلموه بنياحتها فقال لهم : أنتم تعلمون كيف سلكت في قيامة السيد المسيح ولن أصدق حتى أعاين جسدها ، فمضوا معه إلى القبر وكشفوا عن الجسد فلم يجدوه فدهش الكل وتعجبوا فعرفهم توما كيف أنه شاهد الجسد الطاهر مع الملائكة صاعدين به وهنا سمعوا الروح القدس يقول لهم : أن الرب لم يشأ ان يبقى جسدها في الأرض وكان الرب قد وعد رسله الأطهار أن يريها لهم في الجسد مرة أخرى ، وظلوا منتظرين ذلك الوعد إلى اليوم السادس عشر من شهر مسرى حيث تم الوعد لهم برؤيتها .
لتكن صلاتك يا أمنا مريم معنا لأنك الشفيعة لنا عند أبنك الحبيب .