رغم أن العرف السائد فى تعيين شيخ الأزهر الجديد كان يشير إلى تعيين مفتي مصر على جمعة شيخاً للأزهر خلفاً للراحل محمد سيد طنطاوى الذى توفى فى الرياض في العاشر من آذار (مارس) الجاري إثر نوبة قلبية؛ إلا أن قرار الرئيس مبارك بتعيين د. أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر شيخاً للأزهر خالف العرف هذه المرة.
وأصدر الرئيس المصري حسني مبارك قراراً جمهورياً الجمعة 19 -3- ،2010 ينص على تعيين الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب شيخاً للأزهر. والطيب ذو اتجاهات تنويرية، وهو شيخ لطريقة صوفية، على غير المعتاد فى شيوخ الأزهر السابقين الذين لا يعترفون بهذه الطرق.
ويرى متابعون للشأن الدينى فى مصر أن اختيار د. الطيب لهذا المنصب يرجع لسببين، الأول أن الشيخ الطيب أزهرياً خالصاً، حيث أن د. على جمعة المرشح السابق للمنصب لم يكن أزهرياً نظامياً كما هو معهود فى شيوخ الأزهر السابقين، وأثر هذا الأمر على فرص اختياره شيخاً للأزهر. فقد تخرج في كلية التجارة بجامعة عين شمس، لكنه التحق بالأزهر بعد ذلك. إلا أن البعض من علماء الأزهر أثار هذا الأمر فى وسائل إعلام كثيرة ربما تكون شوشت على القرار باختياره شيخاً للأزهر. أما السبب الثانى وراء هذا الاختيار فهو طول فترة توليه منصب مفتى الديار المصرية، حيث أحدث خلالها نهضة علمية وإدارية غير معهودة، ولم يثر طوال فترة توليه هذا المنصب الجدل حوله فى القضايا الدينية الشائكة، وكان سريع الرد عن كل ما ينسب له فى أى فتوى. بالإضافة إلى أن مؤسسة الرئاسة تفضل الإبقاء على صاحب المنصب فى مكانه طالما يؤدي دوره على أكمل وجه .
أما الأسباب التى رجحت كفة اختيار د. أحمد الطيب شيخاً للأزهر، فربما يأتى فى أولها أنه عضو بأمانة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم، ويتميز باتجاهاته التنويرية، مع الحفاظ على الأصالة الدينية الأزهرية.
ود أحمد الطيب أستاذ في العقيدة الإسلامية، ويتحدث اللغتين الفرنسية والإنجليزية بطلاقة وترجم عدداً من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية، وعمل محاضراً جامعياً لبعض الوقت في فرنسا .
ويقول علماء أزهريون عنه "إنه واسع العلم، ولم يدخل من قبل في مناقشة قضايا خلافية، ولم يصدر حين كان مفتياً لمصر فتاوى تثير الجدل. وتولى د. الطيب رئاسة جامعة الأزهر منذ 2003عام بعدما كان مفتياً لمصر. وينتمي د. الطيب وهو من محافظة قنا في صعيد مصر إلى أسرة صوفية ويرأس طريقة صوفية خلفاً لوالده الراحل.
ويرأس شيخ الأزهر الجديد لجنة حوار الأديان في الأزهر وهو عضو في مجمع البحوث الإسلامية وهي أعلى هيئة علماء في الأزهر وسيرأس المجلس بعد تعيينه شيخاً للأزهر.
ويرى محللون للحالة الدينية فى مصر أن د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الجديد، من أبرز العلماء في المرحلة الراهنة، وأن وقرار تعيينه شيخاً للجامع الأزهر يتماشى مع الاتجاه العام العالمي للمؤسسة الدينية العريقة نحو تدعيم حوار الحضارات. إذ تخرج د. الطيب في كلية أصول الدين، وحصل على الدكتوراة من جامعة السوربون الفرنسية، وعمل مفتياً للديار المصرية عامي 2002 و2003، لينتقل منها إلى رئاسة جامعة الأزهر. ويعتبر أحد أبرز المتصوفة من علماء الأزهر، وقد ورثها عن والده وجده في الأقصر (700 كم جنوب القاهرة).
ويتسم د الطيب بميوله الحداثية، حتى أنه خلع رداء الأزهر منذ توليه رئاسة جامعة الأزهر، وهو يعتبر نفسه أكاديمياً، ولا يرغب فى الظهور الإعلامى كثيراً .
ومن المعروف أن الطيب عضو في لجنة السياسات بالحزب الوطني، وغالباً ما ينأى بنفسه عن الإعلام، وله أفكار لتطور العلاقة بين الأزهر وخريجيه حول العالم، في إطار تدعيم المكانة العالمية للجامع الأزهر، إذ تم في عهده تدشين الرابطة العالمية لخريجي الأزهر.
ومنذ توليه رئاسة جامعة الأزهر، وقع العديد من الاتفاقات للانفتاح على العالم الإسلامي، وأنشأ بعض الكليات والمعاهد فوق المتوسطة، ومن أبرز القضايا التي تعامل معها د. الطيب خلال فترة رئاسته لجامعة الأزهر، أزمة "ميليشيات طلاب الإخوان المسلمين فى الجامعة "، حيث واجه الطيب بحزم هذه الميلشييات والتي اعتقل منها حوالي 180 طالباً من طلاب الإخوان المسلمين من المدينة الجامعية بجامعه الأزهر. وقال الطيب وقتها إنه "لا يمكن أن تتحول الجامعة إلى ساحة للإخوان، أو جامعة لحسن البنا"، ما أثار ارتياح الأوساط الرسمية وأغضب تيار الإخوان المسلمين ومناصريهم.
أما آراؤه الفقهية، فالطيب يرى مثلاً أن النقاب عادة من العادات كالزي العربي القديم، وأن الفريضة هي الحجاب. وشدد في كانون الثاني (يناير) 2010 على ضرورة خلع طالبات الأزهر للنقاب داخل لجان الامتحانات وداخل الحرم الجامعي، مبرراً قراره بأن المراقبات على الطالبات من السيدات وأنه لا داعي لارتداء النقاب.
وكان من أبرز فتاواه حينما كان مفتياً قوله بإباحة بيع المسلم للخمور في بلد غير المسلمين لغير المسلمين، وهو الأمر الذي أثار حفيظة عدد كبير من العلماء المسلمين. وكانت مصادر بمشيخة الأزهر قد رجحت كفة د. أحمد الطيب لخلافة الراحل الشيخ محمد سيد طنطاوي.