جاء إعلان المستشار تيمور مصطفى، رئيس هيئة النيابة الإدارية، ببدء تشغيل الخط الساخن على رقم "19468" لتلقى شكاوى المواطنين من أى فساد إدارى داخل الأجهزة الحكومية والتأكيد على فحص الشكاوى بعناية، وإحالتها فوراً للنيابة المختصة للتحقيق فى حال ثبوت جديتها، ليحدث حالة من الحوار بين خبراء مكافحة الفساد، حول مدى أهمية هذا الخط والدور الذى يمكن أن يحققه فى مكافحة الفساد.
يقول الدكتور أحمد زايد، عضو لجنة الشفافية والنزاهة التابعة لوزارة الدولة للتنمية الإدارية، إن أى إضافة جديدة تساعد على الإبلاغ عن الفساد والكشف عنه ومحاولة إصلاحه يعد إضافة إيجابية، حتى لو كانت بسيطة مثل إنشاء هذا الخط الساخن، موضحا أنه كلما دفعنا بقضية مكافحة الفساد فى ميدان النقاش العام مثل القنوات الفضائية والصحافة والنقابات وداخل مؤسسات المجتمع المدنى كلما ساهم ذلك فى التصدى للفساد ومما يفيد فى قطع شوط أكبر وأطول.
وأضاف زايد، أن السكوت عن الفساد يؤدى إلى انتعاشه والعمل على توصيفه فى صور أخرى، مثل الإكرامية وحسنة ورزق وشطارة وغيرها من الكلمات التى يتخذها الفاسدون مبرر لأفعالهم.
وحول الضمانات التى يتطلبها الخط الساخن للإبلاغ عن الفساد الإدارى ليكون ناجحا، قال الدكتور زايد، إن ذلك يتطلب الإعلان والإعلام عن الخط بصورة واضحة للجمهور والمواطنين من خلال عمل إعلانات فى التليفزيون قائلا، يجب أن يكون الخط الساخن معروفا وأضاف، أن التعريف بالخط بحاجة إلى إعلانات فى شهرة المفتش كرومبو.
وأضاف، إن من الأمور أيضا التى تساعد على قيام الخط بدوره أن يكون لدى المواطنين جرأة فى الإبلاغ عن الفساد، وأن تقوم النيابة الإدارية باتخاذ الإجراءات المناسبة فى حالة الإبلاغ عن الفساد وأن تتحرى هذه البلاغات، خاصة أن لدى النيابة الإدارية وسائل عدة للبحث والكشف عن الفساد.
وحول تشكيك البعض فى مدى جدوى هذا الخط ومدى فاعلية الدور الذى يمكن القيام به، خاصة أن الفساد يحتاج إلى جهود قومية متكاتفة للتصدى له، قال الدكتور زايد، إن الناس للأسف تقوم بالتشكيك فى كل حاجة، موضحا أن أى شىء صغير يمكن البناء عليه قائلا، حتى لو كنا مدركين أن هناك أمور ليست صحيحة بنسبة 100% إلا أنه يجب التكاتف وعدم التقليل من شأن أى إصلاح، و"من لا يملك.. يملك الكلام" فى إشارة منه إلى أن الأشخاص الذين لا يقومون بعمل لا يملكون إلا الكلام فقط.
أما الكاتب الصحفى سعد هجرس، عضو لجنة الشفافية والنزاهة التابعة لوزارة الدولة للتنمية الإدارية، فقال نحن ننتظر أكثر من خط ساخن للإبلاغ عن الفساد، خاصة أن مكافحته يحتاج أكثر بكثير من ذلك، إلا أنه أكد على أن الخط يعد خطوة جيدة لا بأس بها.
وأضاف هجرس، أن الفساد فى مصر حاليا أصبح أكبر مؤسسة فى مصر، فالفساد لم يعد مجرد انحرافات شخصية لبعض العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، وأن الفساد أصبح منتشرا فى كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ويدعم هذا الفساد وجود تساند وظيفى فى كافة المؤسسات، فالفساد أصبح ظاهرة مجتمعية تحتاج لمعالجة سياسية لا يمكن الوقوف عند ما يسمى الفساد الصغير لأنه لابد من القضاء على الفساد الكبير.
ووضع هجرس مجموعة من الشروط التى يتطلب وجودها لمكافحة الفساد مثل تداول السلطة، قائلا، إن الفساد الكبير يوجد عندما يحدث احتباس للديمقراطية، فعندما يعلم الموظف الفاسد أنه لن يتغير فسوف يتمادى فى فساده.
وأضاف، إن مكافحة الفساد يحتاج إلى إصدار تشريع لمنع تضارب المصالح ومنع التزاوج بين السياسة والمال، كما أن مكافحة الفساد يحتاج إلى إلغاء حالة الطوارئ التى تجعل هناك عائق أمام مراقبة الشأن العام، مع ضرورة إجراء تعديل تشريعى يضمن حماية الشهود والمبلغين عن قضايا الفساد، مع ضرورة خلق مناخ لمحاربة الفساد وتوفير الشفافية والنزاهة فى مناقشة القضايا.
وأكد هجرس على أن الخط سوف يكون عرضة للإبلاغ عن الشكاوى الكيدية وهو أمر يمكن أن يحدث من خلاله أو من خلال أى وسيلة أخرى، لكن فى النهاية يكون الفاصل هو التحقق فى هذه الشكاوى والتأكد منها.