تناول أحد المواقع السويسرية المتخصصة في شئون الأمن والعلاقات الدولية، في تقرير له يوم الجمعة، أهم العقبات التي تواجه محمد البرادعي الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية، والمرشح المحتمل للرئاسة في مصر.
وحصر الموقع أهم العقبات التي تواجه البرادعي في: "ممارسات الحزب الوطني، والصفقات بين أحزاب الأقلية، وغموض موقف الإخوان منه، إلى جانب عدد من العقبات الأمنية".
وأشار مراسل الموقع لشئون الشرق الأوسط من تل أبيب، ويدعى دومينيك موران، أن البرادعي نجح نسبيا في توجيه الاهتمام العام في مصر للشئون السياسية الداخلية، حيث استطاع اجتذاب العديد من الناشطين سياسياً وأكاديمياً للجبهة الوطنية للتغيير، التي يحاول بها أن يغير النظام السياسي الراكد في مصر، بحسب التقرير.
واعتبر أن وجود البرادعي خارج مصر لسنوات رئاسته لوكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، أدى إلى ضعف خبرته بالتربيطات السياسية، والتي تعتبر قاعدة أساسية في الحياة السياسية المصرية، سواء من جانب الحزب الوطني أو الإخوان المسلمين، فضلاً عن أنه لا يملك ما يدفع أي من الجبهتين التحالف معه مستقبلاً.
فمن جهة، تحاول السلطات المصرية أن تفتت جبهة المعارضة ضدها -خاصة جبهة البرادعي- وذلك عن طريق تشكيل جبهات معارضة صغيرة له هو شخصيا.
أما الإخوان المسلمون، فيحاولون إبقاء الوضع كما هو عليه كعادتهم، بحسب موران،فقد حضرت قياداتهم اجتماع تأسيس جبهة البرادعي في فبراير الماضي، لكنهم في الوقت نفسه أعلنوا ضمنيا و"بطريقة خفية" أنهم لن يؤازروا أيا من مرشحي الرئاسة العام القادم.
ويستخلص دومينيك موران من الوضع السياسي في مصر الآن أن فرص البرادعي للفوز في الانتخابات القادمة تكاد تكون معدومة، خاصة بعد التعديلات الدستورية في 2005 و2007 التي جعلت الأمر شبه مستحيل لأي مرشح مستقل أو معارض أن يفوز في الانتخابات أو يغير الوضع الحالي على المستوى السياسي والقانوني، فضلا عن إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، ما يعني أن فرص تزويرها والتلاعب بها كبيرة بشكل ملحوظ.
أما من ناحية واشنطن، فيبدو أن الإدارة الأمريكية تعتزم عدم مؤازرة البرادعي هذه المرة، لاسيما بعد أن انقطع التمويل الأمريكي لأحزاب المعارضة العلمانية في مصر، وبالتالي سيصبح الحزب الوطني الحاكم هو المسيطر على مجريات الأمور في الانتخابات وما بعدها.
ومن المتوقع أيضا ألا تعارض واشنطن خطة التوريث، التي ينكرها الرئيس المصري محمد حسني مبارك ونجله جمال الذي يترأس أمانة السياسات بالحزب الوطني الحاكم.
وفي سياق متصل قالت إحدى المجلات البريطانية في تقرير لها إن مصر على حافة التغيير بسبب عودة الدكتور محمد البرادعي وتزايد مساحة الحرية الممنوحة للإعلام ولجوء المعارضين والأفراد بشكل متزايد للانترنت لنشر الدعوة للديمقراطية، إضافة إلى تراجع حاجز الخوف لدى المواطنين.
وأضافت مجلة "ذي وورلد توداي" البريطانية الصادرة عن المعهد الملكي للشئون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس): حاجز الخوف يضعف في البلاد والمعارضين والأفراد يلجئون إلى الانترنت للدعوة للديمقراطية .
وأشارت المجلة إلى أن الوضع الاقتصادي في ظل حكم مبارك أسفر عن نتائج متضاربة وإلى أن الإصلاح أدى إلى نمو تجاوز 7 % خلال الانتعاش الاقتصادي، لكن نحو 40 % من الشعب يعيشون تحت خط الفقر.
وأكدت أن معدل البطالة اقترب من 10 % كما أن التضخم يدور حول نفس النسبة.
وأضافت أن معظم الثورة يتركز في أيدي نخبة جديدة فاحشة الثراء تربطها علاقات بنظام الحكم وأن الفوارق الاقتصادية الجديدة خلقت فجوة اجتماعية واسعة.
وتابعت المجلة : التغيير يجب أن يكون قريبا في مصر بعد نحو ستة عقود قضتها تحت حكم ديكتاتوري، مشيرة إلى أن الرؤساء المتعاقبين على مصر لم يمنحوا الشعب حق المشاركة السياسية.
ولفتت المجلة إلى أن حالة التغيير هذه ترجع في جزء منها إلى الضغوط على مصر للإصلاح السياسي خلال فترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش عام 2005، إضافة إلى المعارضة الداخلية، والدعوات المتعالية للقوى الداخلية بإرساء الديمقراطية.
وقالت المجلة إن البرادعي أعلن رغبته لخوض الانتخابات الرئاسية لكن أن التعديلات الدستورية التي أجريت في 2005 كانت تهدف إلى تمهيد الطريق لجمال مبارك لخلافة والده.
وأشارت المجلة إلى أن إمكانية جمع البرادعي لتوقيعات 250 في مجالس المحافظات لخوض الانتخابات صعبة خاصة وان هذه المجالس يسيطر عليها الحزب الوطني الحاكم.
ولفتت المجلة إلى أن غياب البرادعي عن المشهد السياسي في مصر لمدة طويلة وبعده عن فضائح الفساد التي لطخت النظام في مصر تجلعه مرشحا مرغوبا.
وتابعت المجلة إن ظهور حركة كفاية والمعارض ايمن نور في الانتخابات الرئاسية 2005 اثبت أن تحدي الحكومة أمر ممكن.
وقالت المجلة إن ظهور مرشحين راغبين في المشاركة في الانتخابات غير متوقع إلى حد ما في ظل القيود السياسية المفروضة على المشاركة السياسية في حكم مبارك.
وأشارت المجلة إلى أن أهم مساهمات البرادعي حتى الآن هي انه اظهر إمكانية وجود منافسين آخرين على الرئاسة من خارج زمرة الحكم.
ولفتت المجلة إلى تزايد المعارضة لفكرة الخلافة في مصر من منظمات المجتمع المدني والرموز السياسية، وتابعت إن استمرار النظام عبر توريث جمال مبارك سيدفع باتجاه تصاعد المعارضة من كافة القوى السياسية بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين.
واختتمت المجلة بالقول إن التغيير السياسي في مصر سواء كان إلى المزيد من الديمقراطية أو عدم الاستقرار، سيكون له اثر هام على الإقليم ومن شأنه أن يساعد في إطلاق ديناميكيات جديدة لتغيير الأنظمة في الشرق الأوسط.