بلغ عليه الصلاة و السلام " وادي نخلة" ، وأقام فيه أيامًا. وهناك كان على موعد مع نصر عظيم أخر.
فقد بعث الله تعالى إليه نفرًا من الجنّ أمنوا به ، و ذكرهم الله سبحانه في موضعين من القرآن: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ الله ِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة الأحقاف:29- 31].
وقال تعالى فى موضع أخر : {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [ سورة الجن: الآيتان الأولى والثانية ].
وهكذا أسلم الجنّ ونصروا دين الله في وقت كان أكثر البشر فيه ضالون لا يعقلون شيئا ولا يهتدون !!
((وهى الثمرة الحادية عشرة للرحلة))
فكأن الله تعالى يثبّت فؤاد الحبيب بهذا الفتح بعدما حدث له في الطائف ، ولسان الحال يقول : لئن خذلك البشر فإن ربهم ورب كل شيء معك ، يؤيدك بمن وبما يشاء من خلقه (( وما يعلم جنود ربك إلا هو )) سورة المدثر الآية رقم 31 .
وما حيلة البشر الضعفاء - من المشركين- في مواجهة قوى الملائكة والجنّ الجبّارة ؟!!
وأي إنجاز أو نجاح أعظم من إسلام الجن وتأييد الملائكة ؟! ..و هل هذا قليل ؟؟!!
ثم إن الآيات التي نزلت بصدد هذا الحادث تحمل بشارات انتشار الدعوة المباركة ، وتؤكد أن أية قوة في الكون لن تستطيع أن تحول بينها وبين الانتصار ولو بعد حين : {وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ الله ِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الأحقاف:32]، {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ الله َ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا} [الجن:12].