تاريخ الميلاد: 1928م مكان الميلاد: الكرنك –ابوتشت – محافظة قنا – مصر
المؤهلات العلمية:
* التحق بمعهد قنا الديني، ثم القاهرة الديني بالأزهر وتخرج منه، ثم حصل على البكالوريا الفرنسية.
* حفظ القرآن الكريم في صغره.
* دبلوم الدراسات العليا – قسم الدراسات العليا – السوربون، وفي نفس الوقت حصل على ليسانس الآداب "تخصص فلسفة بالمعادلة" – جامعة جنيف".
* دبلومان في الدراسات العليا – باريس أحدهما في الاجتماع والآخر في العلاقات الدولية.
* الدكتوراه من جامعة باريس مع مرتبة الشرف الأولى 1956م.
* مرتبة الأستاذية مع درجة دكتوراه الدولة من جامعة جنيف 1967م.
* يجيد اللغة العربية والإنجليزية والفرنسية..
التدرج الوظيفي:
- أستاذ بجامعة محمد الخامس – المغرب منذ 1968م.
- انتسب بالعضوية لأكثر من 42 جمعية دولية وأكاديمية.
- عمل أستاذًا – بجامعة جنيف وجامعة نيوشاتل منذ 1964م.
- أول عربي انضم لأكاديمية العلوم (مجمع الخالدين) بفرنسا 16/2/1973م.
- كلف بمحاضرات بالسوربون في القسم العلمي للدراسات العالية بعد تخرجه منه لمدة عام.
- حاضر في جامعة جنيف بمعهد الألسن وكلية الآداب.
- عمل أستاذًا محاضرًا بمعهد العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس التابع لمؤسسة اليونسكو تحت إشراف جامعة نيوشاتل 1962 – 1963.
- اختارته الحكومة السويسرية ليكون واحدًا من فريق العلماء يفحصون بكل أدوات العلم مشكلات سويسرا الناجمة عن الثروة المتضخمة.
- منحته حكومة سويسرا وضع اسمه فوق أحد شوارع العاصمة.
- وقع عليه الاختيار كرئيس لجمعية "الأيدو" العالمية ومقرها جنيف والتي تضم في عضويتها الحاصلين والمرشحين من شتى أنحاء العالم لجوائز نوبل العالمية.
- منحته الحكومة الفرنسية عضوية أكاديمية العلوم التي لا يحصل عليها إلا العلماء المتميزون.
- أول مصري وعربي وأول مفكر من العالم الثالث بعد الشاعر الهندي طاغور تقر الأكاديمية السويدية ولجنة نوبل في الآداب ترشيحه رسميًّا للجائزة.
- حصل على عضوية أكاديمية الآداب والفنون والعلوم بإيطاليا.
- يعتبر د. رشدي من أكبر خمسة متخصصين في أصول الماركسية في العالم.
- عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
- عضو الهيئة العالمية للكتاب.
- عضو جمعية استر نجيرج.
- أستاذ زائر لكرسي الاجتماع بجامعة نيوشاتل، وأستاذ زائر بشعبة العلوم التاريخية بجامعة جنيف بسويسرا، ودُعي للتدريس وإلقاء المحاضرات في عدد من الجامعات العربية منها جامعة طرابلس بليبيا.
نتاجه الفكري:
- له أكثر من 17 مؤلفًا وموسوعة و100 بحث ودراسة حول شتى علوم الإنسان.
- استطاع أن يجمع بحوثه ودراساته في 30 مجلدًا من مجالات الدراسات الإسلامية والاجتماعية والنفسية وتمت ترجمتها إلى لغات أخرى.
- كتب 50 دراسة وبحثًا ومقالات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية منها:
- علاقة العالم العربي الثقافية مع فرنسا.
- تأملات في الإسلام.
- الحياة اليومية في مصر إبان عصر محمد علي.
- الشباب وحرية الاختيار.
- ظاهرة الانتحار.
- المراهنة الصناعية.
- نظرية أصول الماركسية والمراهنة الصناعية؛ وهي التي أهلته للترشيح لجائزة نوبل عام 1976م.
- تُوُفِّي في 5 أغسطس 2000م بالمغرب إثر أزمة قلبية مفاجئة
.
لن نكون مبالغين إذا قلنا إن رشدي فكار كان صاحب مدرسة فكرية متميزة، فهو لم يكن فحسب ذلك العالم المتبحر في العلوم الشرعية، وفي الوقت نفسه لم يكن ذلك المفكر الذي يعيش عالة على الحضارة الغربية ينهل منها بغير حساب وينبهر بعطاءاتها المادية دون التفكر في المآخذ والعيوب.
لقد استطاع فكار أن يجمع بتوازن واعتدال بين ثقافته الإسلامية التي استقاها من منابعها الصافية منذ نعومة أظافره - حيث حفظ في قريته القرآن الكريم والتحق بالمعهد الأزهري - وبين الثقافة الغربية التي عاش دارسًا لها ردحًا من الزمن، بل إننا نستطيع أن نقول إنه تعامل مع الغرب برؤية أنه سفير أمة لديها ما تستطيع أن تقدمه للعالم، بل تمكن خلال رحلته الطويلة والشاقة مع عطائها الفكري والثقافي المتعدد المدارس والمختلف الألوان أن يعيش بتلك الروح التي بدء بها حياته.. ولم يشعر فكار في يوم من الأيام بنوع من التناقض فيما أودع عقله من علوم شرعية وأخرى غربية.
المحاور الرئيسية لفكره
وإذا أردنا أن نتعرف على المحاور الفكرية الرئيسية التي تحدد ملامح فكر الدكتور رشدي فكار لوجدنا نسقًا فكريًّا متجانسًا يحمل رؤية استغرقت من صاحبها وقتًا وجهدًا متلاحقين، وكان من أبرز ما يميزها إيمانه بأن أمته تملك مفاتح العطاء الذي تحتاجه البشرية، وفي الوقت نفسه يؤمن بأن الحضارة الأخرى الغربية تفتقد ما تستطيع أمتنا تقديمه وهو الإيمان بالله وإعلاء مكانة الروح؛ لتكون احتياجاتها في مكانها الطبيعي جنبًا لجنب مع احتياجات الجسد.
أمة لها مستقبل
لقد كان إيمان رشدي فكار بقدرة أمته على استئناف عطائها الحضاري الريادي كبيرًا، فبالرغم من الواقع الذي قد يصيب بعض أبناء الأمة بالإحباط خاصة في ظل الهيمنة الأحادية التي يشهدها العالم، إلا أنه كان دائمًا يبشر بأن الأمة تمتلك مؤهلات القيادة، فهي تتمتع بخصائص الكيان الواحد، وتمتلك أرضًا تمتد في آسيا وأفريقيا، وتتحكم في أهم المضايق البحرية، وتحتكر سلاح الطاقة بنسبة 50% من احتياطيات العالم ولمدة 150 سنة قادمة على الأقل، وهو السلاح الذي يحرك الحضارة الغربية، كما تتمتع بالأصالة التاريخية، وهذه الأمة لم تصنع بقرار من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، وبقاؤها واستمرارها التاريخي ليسا بيد أحد.
ويرى أن الأمة الإسلامية قائمة ومستمرة واستطاعت أن تقاوم التمزق والنزيف الدموي عبر التاريخ.. والدولة الإسلامية تمتلك مقومات أمة قوية.. فإلى جانب قوة الدين هناك قوة النفط.. والقوة البشرية التي تزيد على المليار نسمة.. وما يؤكد هذا ما نراه من اهتمام الغرب بالإسلام والدراسات الإسلامية بدرجة لم يسبق لها مثيل، فالعالم كله يرى أن قوة المسلمين ستظهر بشكل واضح في القرن القادم.
لغة القرآن
لقد كان فكار يرى أن الاهتمام بلغة القرآن خطوة رئيسة في اتجاه الوحدة والريادة، وكان كثيرًا ما يؤكد أن اللسان العربي هو الذي حمل الوحي، وخوطب به أولاً، وكلف أن يبلغ رسالة الله إلى كل الناس، قال تعالى: "حم~ * تَنْزِيْلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُوْن" (فصلت: 1:3) ، "نَزَلَ بِهِ الرُّوْحُ الأَمِيْنُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُوْنَ مِنَ الْمُنْذِرِيْنَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِيْنٍ" (الشعراء: 193:195) ولذا كان يرى أن الذي يريد أن يخدم الإسلام، ويخطو خطوة جادة في بناء وحدته عليه أن يجعل لغة القرآن هي لغة بلده، وفضل في هذا الإطار اصطلاح "لغة القرآن" حتى لا تحدث حساسية عند البعض، أو يعتقد أننا بهذا نطعن في ولائه الوطني. وكان يحلم بهذا اليوم الذي يصدر فيه قرار من أصحاب الشأن باعتبار لغة القرآن هي لغة الدول التي تدين بالإسلام وتقدس القرآن، ساعتها نكون قد قطعنا نصف الشوط في سبيل التقارب والتعارف المفروض.
توعك حضاري
وحتى لا نتصور أن تفاؤل الدكتور فكار مُنْبَتّ الصلة بالواقع، أو أن طموحه بعيد عن المعايشة الحقيقية والصادقة للتخلف الذي تحياه الأمة، بل نجد أن فكار يدرك بأن الأمة في حالة توعك وأن أمراضًا كثيرة تفتك بها وتحديات بالغة تواجهها، ونجد فكار يعمل عقله وفكره في تحديد معالم وأسباب هذا الضعف وذلك التخلف، فيركز – مثلاً - على مسألة الجدل الفقهي عالي الصوت حول الأمور الهامشية، وكذلك التشابك العجيب في العلاقة بين أولى الأمر وعامة الناس، أو التنازع - وربما التقاتل أحيانًا - بين الحكام والمحكومين، أو هذا التخلف الممتد في الميدانَيْن السياسي والمادي، أو هذا النكد الدائم في العلاقات الشخصية والإنسانية والأسرية، أو ذلك العزوف عن الدنيا والانعزال والانطوائية.. ويرى فكار أن كل هذه الأمور تساهم بقدر وافر في اعتلال جسد الأمة، ويرى أن أزمة الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج تكمن في عدم قدرته على توظيف الفكر.
البناء الحضاري
ولا يقف رشدي فكار عند حدود تشخيص المرض وإنما يطرح رؤية لاستعادة البناء الحضاري، ويركز في هذا الاتجاه على مرحلة التعليم الأولى في حياة أي طفل، ويرى أنها من أخطر المراحل التي يجب أن ننتبه إليها.. وعلى هذا فهو يدعو إلى تحريم إطلاع الطفل المسلم على أي انتماء آخر غير الانتماء الإسلامي حتى الثانية عشرة من عمره، كما تفعل ذلك الأمم الأخرى مع أطفالها، بعدها يبدأ الانفتاح على ثقافات العالم".
ولا يُعَدُّ هذا الأسلوب شاذًّا أو غريبًا بين الأمم، فأصول التنشئة في الغرب تركز على بناء الانتماء عند الطفل وتأصيله.. ففي المجمعات الليبرالية مثلاً نجد حرص الأسرة على إرسال أطفالها إلى "السسترات" أو الأخوات في الكنيسة، أو إلى الراعي أو القس.. باعتبار أن هذا أمر لا بد منه لتحقيق وزرع بذور الانتماء.. والشيء نفسه كان يحدث في الكتلة الشيوعية، والإسلام أيضًا يرى الأسرة آية من آيات الله سبحانه وتعالى، حيث يقول الحق: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوْا إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً…".. ومن هنا فالإسلام يعرض القضية منذ جذورها بدءاً من اختيار الزوجة وحتى تربية الأولاد في إطار الأسرة التي تقوم على المودة والرحمة بين أفرادها، ومن هنا فعلينا أن نختار أولاً هل نريد الأسرة كما يراها النموذج الإسلامي، أم نريدها مؤسسة اقتصادية كما يراها العصر الحالي؟
التفاؤل في البناء
وبالرغم من أن البون شاسع بين واقع الأمة والمستهدف لقيادة العالم وهو الأمر الذي يدعو أحيانًا إلى التشاؤم، إلا أن فكار يبدو أكثر تفاؤلاً، فيرى أن المسلم إذا قام بإعادة حساباته فسيكتشف أن قضيته ليست مأساوية، فهو لا يميل إلى العويل والتهويل بمناسبة وبدون مناسبة، ولكن يرى أن العالم الإسلامي يبحث عن طريقه ويحاول أن يختصر زمن التخلف؛ لأن هذا التخلف ليس تخلفًا في الأرض، بل تخلفًا في قدرات البشر، ومن المستحيل مع التوعية والتدريس والتعبئة أن تظل هذه القدرات مشلولة، وتلك هي الحقيقة التي تجعل الدول العظمى الآن تعيد حساباتها، أي أنها تقوم بعملية إعادة الحسابات بالنسبة للمسلم المتوقع، المسلم القادم، في الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن هذه صيحات عداء وصيحات للتدمير، والحقيقة أن الآخر يضع حساباته؛ لأنه يعلم أنك قادم لا جدال في ذلك وسيصل تعدادك بعد جيلين إلى ثلث الكون ولديك إمكانات كبرى.
ولا يعتمد فكار في تفاؤله على القدرات المختزنة لدينا، وإنما أيضًا على ضعف الآخر، ويستشهد في هذا بمقولات الغربيين أنفسهم واعترافات الفلاسفة هناك بأن الفكر الغربي يوشك أن يعلن فشله في مواجهة العجلة العلمية الآلية.
بل هناك اعتراف الآن ذكره أكثر من مفكر غربي مفاده أن العالم الآن لا بد له من دين يضبط حركته.. وليس هناك من دين مؤهل لذلك الدور سوى الإسلام.
ولعل من أخطر الأمراض التي تفتك بالحضارة الغربية وتدفع إلى فشلها في النهوض بالبشرية هو أنها – كما يرى د. فكار - تسير على قدم واحدة. ومن البديهي أن أي حضارة تريد أن تعمِّر يجب أن تسير على قدمين هما: الروحانية والمادية، والحضارة الغربية قامت على المادة وأهملت الجانب الروحي، فنجد أن الغرب تقدم تقدمًا كبيرًا في مجال علوم الطبيعة، ولكنه فشل فشلاً ذريعًا في الجانب الروحي؛ فأصبحت الحضارة الغربية حضارة ذات بُعْد واحد هي حضارة الطاقة والآلة، فهي حضارة أشياء تجد الناس قد انتفعوا بهذه الحضارة المادية في بيوتهم وفي طرقاتهم وفي أماكن عملهم وملاهيهم وإشباع شهواتهم. وهذه الحضارة لا تضع لله موضعًا في نظامها الفكري (الأيديولوجي)، ولا تعرف له فائدة ولا تشعر بحاجة إليه، وهي وإن كانت تعترف بالله شكلاً، لكنها تقوم على تنحيته من طريقها فعلاً وترى عدم تدخله في أمور الحياة ونظمها.
ويرى فكار أن الإسلام لديه الكثير الذي يستطيع أن يقدمه للحضارة الغربية وللعالم كله؛ فيقدم له ما لا يملك من قيم إنسانية وحضارية يفتقدها الإنسان الغربي الذي أصبح في عطش دائم لهذه القيم؛ لأن الإسلام يتمتع بميزات لا وجود لها في أي دين آخر، ولذا تبقى الصياغة الإسلامية الحضارية لإغاثة عالم الحضارة الغربية الأمل الموعود والمرتقب في دنيا العصر وقلق ذوي الاهتمام والفكر؛ لأن العالم سوف يخضع بالإصرار الإلهي للمنهج الإسلامي وللصيغة الحضارية القرآنية بعد أن بدأت البُشريات تلوح بالأفق المضيء، ولسوف تفنى كل هذه التعفنات التي أغرقت البشرية في طوفان الظلم والإباحية الجنسية والخلقية والسياسية المدمرة؛ لأن الأمن والاستقرار في المجتمع يقاس بدرجة الإيمان في الأفراد