ثمة حقائق يمكن قراءتها بسهولة من بين الأحداث منذ بداية الثورة وحتى سقوط النظام.
أولاً: النظام السياسي كان يتعامل باستهانة شديدة، ولامبالاة مع مطالب الشعب، بل من المؤكد أن الجميع لاحظ، أن مطالب الشعب لم تكن في باله أصلاً، وذلك لسببين:1- عجرفة وغرور ذاتيين طالما لازما هذا النظام، ولازما شخص مبارك وكل من حوله. 2- تضليل الإعلام الرسمي والتقارير التي تصل للسطات العليا من النظام السياسي، على عكس المشير طنطاوي مثلاً الذي نزل بين الناس في ميدان التحرير، وربت على أكتافهم المتعبة من النوم في العراء، وابتسم لوجوههم التي تضئ بالأمل. إضافة إلى مئات من الرتب الكبيرة في الجيش نزلت واحتكت بالناس، وسمعت مطالبهم منهم مباشرة.
ثانياً: الضغط الشعبي ازداد تدريجياً، كأن النظام كان ينزل ببطء إلى أعماق محيط مترامي الأطراف، ومع ذلك يجهل أبسط القواعد عن ضغط المياه كلما ازداد العمق، وأن النتيجة النهائية حتماً لازدياد الضغط هو أن ينفجر ويموت. ببساطة نظامنا السابق لم يكن فاسداً فحسب، بل كان غبياً أيضاً، على المستوى السياسي والإنساني. وأيضاً اتضح مدى انفصاله عن شعبه، فهو جهل تماماً أن الملايين من المواطنين، شباباً وشيباناً، قد استعادوا ذكاءهم ووعيهم المغيب، دفعة واحدة. وهو أمر استعصى عليهم أن يتصوروه في عقولهم الضحلة التي أعمتها السلطة، والمال.
أما عن الموضوع الأساسي، هل ألقى عمر سليمان خطابه تحت تهديد السلاح
لنقرأ الأحداث:
الرئيس المخلوع المطرود حسني يعتمد في عجرفته وكبريائه منذ بداية الثورة على قوة الجيش، ويراهن على أن الجيش يحمي النظام السياسي الذي يمثله الحزب الوطني، بعدما هزم الشباب الباسل جحافل الداخلية بثمن باهظ جداً عبارة عما يزيد عن 350 شهيد، وآلاف الجرحى، ولم تعد الداخلية قادرة على إحداث أي فرق سوى بالبلطجة والألعاب القذرة، التي لم تجدي أيضاً في إجهاض الثورة وفض الاعتصام
الجيش يتخذ جانباً حيادياً، مخالفاً هوى الطاغية في أن يفض الأمر، ويتدخل بقوته العسكرية لإجهاض الثورة. تصبح هذه النقطة بداية الانقسام داخل السلطات العليا.
تعيين سليمان نائب للرئيس. لماذا اختار سليمان بالتحديد وليس شخصاً غيره؟ واضحة: استجابة للخاطر الأمريكي والإسرائيلي. طبعاً، لأن الأمر لابد أن يكون على مزاج صاحب المحل. وهو ليس الشعب هنا، بل ولي نعمته، أمريكا.
على المستوى الشخصي بالنسبة لسليمان: فهذا يعني حلم تحقق، ضربة قدر أتت من لا شئ، هكذا فجأة وجد نفسه سيكون رئيس الجمهورية، لذلك بدأ يشم رائحة الكرسي، ويسيل لعابه ليكون الرئيس بأسرع ما يمكن. عمر سليمان كان حريصاً على تنحي مبارك أكثر من حرص الثوار، لكن يجب أن يضمن أن يحدث ذلك بشكل تلقائي وطبيعي. وأيضاً ثمة دعم خفي وترحيب به من صديقته الحميمة إسرائيل.
منظومة الإعلام الرسمي تُحدث انقساماً بين الشعب المصري، فتعطي الأسباب التي تجعل كل من هو خارج الثورة، يخون أصحابها، وينظر إليهم باحتقار، لدرجة أن بعضنا تمت مضايقته وضربه من قبل الأهالي ثم تسليمه للجيش باعتباره خائناً بمجرد أن يخرج من الميدان، وهذا حدث لي شخصياً عن تجربة ذاتية، حيث ضربني الأهالي وليس بلطجية الداخلية. هذه الحقيقة أفزعتني وأفزعت كثيراً من الشباب، وأحدثت قلقاً بالفعل لدى المرابطين في الميدان، لكن لم يستسلم أحد. وسرعان ما تلاشت.
الألعاب النفسية على أشدها، بعدما انقضت موجة الخيانة والعمالة، اشتعلت موجة تعطيل مصالح البلد، وإيقاف مصالحها. وكل ذلك والبطل هو التلفزيون المصري والجرائد القومية. وجهاز المخابرات الذي خصص كل طاقاته الاستخباراتية لترويج الإشاعات.
حسنى المخلوع يتلاعب بالألفاظ في خطابه الأول والثاني، ويظهر كأنه لا يأبه أصلاً لما يطلبه منه الشعب، وهو ببساطة أن يرحل هو ونظامه الفاسد، أو يتظاهر بأنه أكثر ذكاء وفطنة، ويلتف على المطالب، ويقدم كل مرة تنازلاً يرشي به الجماهير، لكن لا استجابة، وبالتالي مُحصلة كلا الخطابين الأول والثاني، وكل خطابات سليمان= صفر. الثورة لا زالت مستمرة.
تتصاعد حدة الأحداث، ينجح الاعتصام في تطويق مجلسي الشعب والشوري ورئاسة الوزراء، ويبدأ التلفت إلى أماكن حساسة أخرى. كالقصر وماسبيرو،
تتصاعد حدة الاحتجاجات الفئوية، مصانع وشركات، ويبدو أن البلد ستدخل في ما يشبه حالة عصيان مدني. وهذا يصب دون أن يقصد أحد، في صالح الثورة، والمعتصمين بالميدان الذين بدأوا بتنظيم أنفسهم استعداداً لجمعة التحدي.
الجيش طوال هذه الفترة يراقب المسخرة السياسية بحياد دون تدخل، ويراقب متأففاً شغل القوادة الذي يمارسه عمر سليمان وشلة الحزب الوطني الحاكم بدعم من منظومة الإعلام الرسمية التي يُسخرها أنس الفقي لصالح الحرب على الشعب. وشعار الجيش في هذه المرحلة كما أرى (خلينا مع الكذاب لحد باب الدار ). وكان الجيش يتمنى بالفعل أن تكون قرارات الإصلاح جادة، وأن شلة البلطجية الحاكمين استوعبوا الدرس، لكنهم لم يفعلوا، فخرج عمر سليمان يهدد ويخير الشعب ما بين فض الاعتصامات وإجهاض الثورة، وما بين انقلاب عسكري. ببساطة، هذا الغبي يهدد بالجيش المحايد أصلاً منذ البداية. وهنا حفر سليمان قبره بيديه عندما تحدث باسم الجيش بهذه الطريقة المنحطة، فانقلب عليه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والآن باتت موازين القوى محسومة لصالح الشعب، وليس لصالح السلطة السياسية.الجيش حسم أمره.
لكن..قيادة الجيش من العقل بمكان، وهم ضد استخدام أي عنف فعلي، حتى مع أي جناح ينقلب عليهم من أجنحة السلطة في الأعلى، لأن القوة القتالية للجيش لو تدخلت بالفعل فهذا سيودي بالبلاد لنفق مظلم دامي، لذلك اعتمد الجيش على ما له من رهبة القوة، ليُجري مفاوضات مع مبارك وسليمان وقيادات السلطة السياسية التي ترفض الاعتراف بسقوط شرعيتها.
تبدأ المناقشات من قِبل مبارك وسليمان مع الجيش ليبدأ بلعب دوره الحقيقي الذي يراه الطاغية، وهو أن يفض هذه الثورة، ويجهض كل آمال الشعب باستخدام القوة العسكرية القاتلة، تحت دعاوي حماية الشرعية الدستورية، وأيضاً أملاً في استغلال ما تبقى من علاقات صداقة مع القيادات العسكرية، وكل ذلك لأن القوة الغاشمة للداخلية لم تفلح في احتواء الأمر، ولا البلطجية، ولا الحرب النفسية التي شنتها المخابرات من خلال المنظومة الإعلامية والإخبارية.
الجيش يرفض، كما رفض من قبل عند نزوله أن يستخدم قوته العسكرية ضد الشعب. ويطرح فكرة التنحي بالفعل، لكن مبارك يرفض.
يوم الخميس الجيش يتدخل بحسم ليُنهي عملية المسخرة التي تتبناها السلطة السياسية في طريقة إدارتها لأزمة بلد كمصر، فيقوم بانقلاب مهذب وسلمي، ويلزم الرئيس أخيراً بالخضوع لرغبة الجماهير، والتنحي عن رئاسة الجمهورية، وتسجيل بيان التنحي، ليتم إذاعته في الساعة العاشرة مساءً من يوم الخميس، تفادياً لحدوث مجزرة بين الثوار وقوات الحرس الجمهوري، وحتى لا تفلت الأمور من بين أيديهم أيضاً فيضطرون لاستخدام القوة ضد الشعب، لأنه يمكن السيطرة على مسيرة مليونية، مسيرتين، لكن السيطرة على مسيرة مالتي ميلونية قوامها قد يزيد عن 15 مليون ثائر مستفزين من عناد الرئيس وحيادية الجيش قد يكون في حكم المستحيل. وحتماً ستحدث خسائر وكوارث. وهذا ما يريده مبارك وسليمان. أن يجد الجيش نفسه مضطراً لاستخدام القوة ضد الشعب، لحفظ الأمن والممتلكات.
بعد إجبار القوات المسلحة للرئيس مبارك - بالهداوة واللطافة وبلاش تذل نفسك أكتر من كده، لأننا حسمنا قرارنا - يسجل الرئيس خطاب التنحي مجبراً. ويستعد لمغادرة البلاد، ومباشرة ينعقد اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الدائم استعداداً لإدارة شؤون البلاد.
المجلس الأعلى للقوات المسلحة يذيع بيانه رقم 1، وتقول الكاميرا فيه أكثر مما يقول البيان، ورسالة مصورة هامة للشعب: لم يعد مبارك يحكمنا، لم يعد هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. عهد مبارك انتهى.
في الساعات الأخيرة قبل إذاعة خطاب التنحي، يقوم عمر سليمان وأنس الفقي بلعبة قذرة، حيث يستغلون أن مبارك لا يزال في مصر، فيسجلون خطاباً قصيراً آخر، بشكل أهوج، وعلى عجل، يفوض بموجبه مبارك سلطاته لنائبه وفقاً للدستور. ويقوم أنس الفقي بعمل مونتاج لمشاهد من الخطابين، الأول والثاني، ليخرج لنا بخطاب كامل، في نهايته يفوض مبارك سلطاته الرئاسية لعمر سليمان.
وبالتأكيد أن من وراء اللعبة هو عمر سليمان، وأنس الفقي، دون أن يكون لمبارك أي دور في القبول أو الرفض، فغالباً أن هذا الطاغية قد تحول في آخر لحظاته لعجوز بائس يصارع كبريائه الجريح، ويبحث عن خلاص من مأزقه بأي ثمن، لذا فهو مستعد للاستماع لكل من يعرض عليه حلاً، حتى ولو كان أخرقاً كحل التفويض واستفزار الشعب، وتحدي إرادته.
خطاب التنحي كان نهائياً، وانتشرت تسريبات الأخبار بأن مبارك سيتنحى، القيادة الأمريكية علمت بالقرار، وصحف كبرى وقنوات كبرى اطلعت على ما يجري، وأطلقت لمحات من الخبر، في انتظار إذاعة الخطاب والتنحي رسمياً، وهذا كان واضحاً في كل العالم، ولدى الثوار الذين اعترتهم الفرحة.
التلفزيون المصري يعلن أن بث الخطاب سيكون في العاشرة مساءً بتوقيت القاهرة، والجماهير تنتظر على أحر من الجمر، والقلق يأكل نفوسهم خشية خيبة الأمل، يتأخر الخطاب عن موعده، وتصريحات من أنس الفقي: الرئيس لن يتنحى. لماذا؟ لأنه من يقوم بفبركة الخطاب الآن وعمل مونتاج له. كان يلعب في الوقت الضائع.
الجيش يتفاجأ بالخطاب والمؤامرة، أوباما يتفاجأ بالخطاب، العالم كله يتفاجأ بالخطاب، والثوار الأحرار في ميدان التحرير، يرفعون الأحذية إجابة لمبارك وخطابه.
الموازين لم تنقلب بعد، لكن الجيش يتفادى بكل ما يملك من صبر وتعقل لقياداته أن يقوم بانقلاب عسكري حقيقي، أو يدخل في مواجهات دامية مع الحرس الجمهوري، أو يضطر لاستخدام القوة ضد أحد، حتى عمر سليمان نفسه وجهاز مخابراته. وفي نفس الوقت، لا يزال الجيش منحازاً للشعب. لكن العقل سيد الموقف.
يخرج البيان رقم 2 كاختبار للجماهير، تُرى هل سترضى لو مضى الوضع كما مضى عليه، وتضمن القوات المسلحة للثوار تنفيذ مطالبهم؟
لا يفلح البيان رقم 2 في امتصاص غضب الشعب الهادر، ولا يفل عزيمة الثوار، ولا يزيد الوضع إلا تأزماً بإصرار المعتصمين على الصمود، ومواصلة التجهز لجمعة التحدي. وما يقارب 20 ألفاً يحاصرون بالفعل قصر العروبة، وما يزيد عن عشرة آلاف يتجهون لمحاصرة ماسبيروا. والبقية تحمي مركز الثورة الأساسي ورمزها: ميدان التحرير تحسباً لأي هجوم أو ألاعيب أو تغير موقف الجيش من الاعتصام بعد بيانه رقم 2.
مئات الآلاف في اسكندرية، وعشرات الآلاف في محافظات مختلفة من مصر، الوضع لا يُبشر أن الجمعة التالية ستمر على ما يرام. وتوقعات كثيرة بأن تكون جمعة التحدي دموية إلى أقصى حد. ومع ذلك الإصرار لا يزال في أوجه، والروح المعنوية مرتفعة، وكل الثوار مستعدون للتضحية بحياتهم.
على الجيش مسؤولية اتخاذ القرار الحاسم أخيراً، والكل ينتظر البيان رقم 3، لكن البيان الثالث يتأخر، وتشرق شمس جمعة التحدي وبيان القوات المسلحة رقم 3 لم يصدر بعد. كانوا يترقبون الأحداث، وينتشرون بشكل آخر، وقوات من الشرطة العسكرية يتم استدعاؤها. لا أحد يعلم ماذا يخطط له المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى الآن، لكن مواقف الانحياز واضحة تماماً.
عمر سليمان يحاول الالتفاف على سيطرة الجيش، ويعمل في الخفاء لتدبير وصول آمن إلى كرسي الرئاسة، فقد رأى الكرسي أخيراً، وشم رائحته، ولم يعد متبقياً بالنسبة له سوى إسقاط الشعب من أجل إحياء النظام. يفكر بتوتر، ومشتت، قرارات انفعالية، تدابير في الخفاء لإفساد جمعة التحدي بأي شكل، ولو وصلت إلى ارتكاب مذبحة. لكن الجيش له بالمرصاد.
تحريات الجيش من مساء الخميس، إلى عصر الجمعة، تثبت للمجلس الأعلى للقوات المسلحة عدم نية عمر سليمان، ولا أي من السلطات الحاكمة اتخاذ أي إجراءات للإصلاح، وأن كل ما يهتمون له هو بقاؤهم في السلطة من أجل حماية دوائر المصالح المتشابكة جداً، والتي تجذرت عميقاً وتغلغلت طوال 30 سنة، خاصة في آخر عشر سنوات، وكثير منها مرتبط أيضاً بمناصب في القوات المسلحة.
الآن: استمعوا إلى الجدل في اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، تضارب الآراء، الجيش أيضاً - لارتباط كثير من قياداته بشبكة مصالح السلطة السياسية الحاكمة خلال العشرة سنوات الأخيرة - يعاني مرتين لحفظ التوازن الداخلي، وحماية المجلس من الانقسام، ولحفظ البلاد من خبث عمر سليمان وفلول الأجهزة الأمنية التابعة للحزب الوطني، وأبرزها المخابرات وأمن الدولة.
تستيقظ الوطنية، والشرف، ومعاني التضحيات، ورؤية الملايين الثائرة بعد صلاة الجمعة تُلهم قيادات المجلس لحسم الأمر بشكل نهائي، فيتخذون قراراً أكاد أجزم بإجماعهم عليه، أن يتم الاستجابة لمطالب الشعب، ومشروعية الشعب، وإسقاط النظام بالقوة العسكرية المحضة، لا بقوة المفاوضات.
مبارك خارج البلاد، عمر سليمان يجهز لخيانة الشعب من أجل القفز على الكرسي الذي لطالما حلم به، لدرجة أن يتصل بأصدقائه في إسرائيل طلباً للعون، فتسرب صحيفة إسرائيلة أن قوات أمريكية تتوغل في القناة، وأن إسرائيل تقوم بتجهيزات عسكرية تمهيداً للتوغل في سيناء، يعمل جهاز المخابرات الموالي له حتى الآن على نشر الإشاعة، تمهيداً لإعلان حالة طوارئ قصوى في البلاد خشية الاحتلال الإسرائيلي، ولتوجيه أنظار الشعب إلى الخطر الخارجي، وتشتيت انتباههم عن الثورة.
قرب الخامسة مساءً يكون المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أنهى تدابيره للسيطرة على البلاد بالفعل، ومندوب من القوات المسلحة يصل لماسبيرو، وتعلو زغاريد من داخل ماسبيرو كأنه تم تحريره للتو.
ثم يظهر عمر سليمان بلهجة باكية، يائسة، منهزمة، وعلى وجهه كل أمارات الذهول والدهشة والخيبة والحسرة، ليلقي بياناً بتنحي الرئيس مبارك عن منصب رئيس الجمهورية، دون أن يكون مبارك في البلاد أصلاً، ينتهي خطاب التنحي دون معلومة واحدة زائدة إلا أن الرئيس فوض سلطاته إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. نقطة ومن أول السطر.
هل بالفعل مبارك هو الذي تنازل عن منصب رئاسة الجمهورية؟ أم تم طرده منه؟
هل عمر سليمان كان يملك من أمره شيئاً عندما أذاع خطاب التنحي؟
وإذا كان خطاب مبارك الأخير يوم الخميس قد فوض صلاحياته الرئاسية لنائبه، أليس من المنطقي عندما يتخلى عن هذا المنصب في اليوم التالي، أن الرئاسة تلقائياً تذهب لهذا النائب؟
يا أصدقائي، ما أراه بادياً، أن عمر سليمان ألقى خطاب التنحي والمدفع الرشاش مصوب إلى مؤخرته، ولم يكن يملك من أمر نفسه شيئاً إلا أن يطيع خانعاً ذليلاً.
البيان رقم 3. يبكي كل مصري، ويُطمئن قلب كل ثائر أن جهودنا لم تضع هباءً. خاصة أمام التحية العسكرية لأرواح الشهداء، التي جسدت أسمى معاني الشرف والوفاء والوطنية الصادقة.
شكراً لقواتنا المسلحة، التي تأكد لي من قراءة الأحداث، ومن السلوكيات على أرض الواقع، أن هذه القوات هي فخر مصر، وقياداتها فخر لمصر، ولو أتيحت لي الفرصة لقبلت رأس كل عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رأساً رأساً، وحتى مع علمي بأن كثيرٌ منهم كانت لديه مصالح مشتركة مع شبكة المصالح الاقتصادية والسياسية للحزب الوطني والسلطة الحاكمة خلال العقدين الماضيين، إلا أن التضحية بهذه المصالح، وتغليب الحس الوطني والمصلحة العامة على مصلحة الأشخاص، هو ما ساهم بشكل كبير في تغيير موازين القوى لصالح ثورة 25 يناير.